على مدار الساعة

شهد هؤلاء الخمس!

1 نوفمبر, 2017 - 08:11
الولي ولد سيدي هيبة ـ كاتب صحفي

عندما يجمع خمسة من علية الأمة على أمر فذاك دليل على أنه نال المصداقية من أوسع أبوابها لأن هؤلاء الخمس لا يمكن أن يخرجوا جميعهم عن دائرة "السمو" عن العامة من الناس و الخاصة من أولياء الأمور و رموز التميز. لقد حدث أن حضر أحدهم ندوة جلس على هامشها إلى رجل دين ذي هيبة و ضابط ذي رتبة عالية و مؤلف يتمتع بسمعة معتبرة و إعلامي له نصيب وافر من الشهرة وموظف سامي في قطاع حساس و هم يتبادلون الحديث ـ بأريحية و صراحة تضفيهما على العادة مثل وضعياتهم النفسية المريحة ـ حول سير بعض الشعوب في سياق مجريات الأمور في  دولها، فأجمع الخمسة على أن هذه الشعوب تحرص على مواعيدها و تفي بالتزاماتها و تواظب بشغف و إصرار على العمل و تأدية الواجبات في مقابل الصرامة عند المطالبة بحقوقها غير منقوصة و لا مؤجلة..

 

و على قدر هذا الإجماع حول موطن تثمين و رفع هذه الشعوب لشأن المسطرة الأخلاقية حكما لديها على التصرفات و إعلاء منها لقدر الوطن و قدسية حفظه، فقد كان إجماع الخمسة غير ناقص على أن غالبية الموريتانيين لا يتحرون الصدق فيما يقولون و لا الأمانة فيما يفعلون من كل الأمور كبيرها و صغيرها، و لا يلتزمون بالعهود على خلفية افتعال تصغير شأنها، و لا يهابون الشبهات بجرأة على لي أحكام الدين كذلك فيها، و لا يحرصون على وطن لا محل له من الإعراب في عقولهم و ممنوع من الصرف في أذهانهم.

 

مر الواقع... العلم غزير و العمل قليل

خلال نقاش قيم لكتاب الشيخ عبد الله بن بيه "الإرهاب.. الأسباب و الحلول" جرى بعد محاضرة رئيسية حول العمل ألقاها الدكتور مولاي أحمد ولد جعفر في قاعة "مركز مبدأ" للمحاضرات وردت على لسان أحد المتدخلين عبارة  "علم غزير و عمل شحيح" تحدت منطق المجاملة السافرة و حلقت في رحاب حيز الصراحة الممنوعة و أعربت عن حقيقة امتعاض من بني جلدته و هو الذي أمسك نصف عصى الصراحة و قبضة سيف الشجاعة و إبرة الوخز إلى التغيير العصي لما في النفوس و كذلك بتر علامات الارتكاس الفكري و النفاق الاجتماعي و استغلال الدين مطية إلى الدنيا و شرورها بلا وازع أخلاقي أو رادع ديني. و بالطبع لم تثر العبارة المبتكرة أي ردة فعل من كلا الوجهين لأنه على دقة وصفها للمجتمع في عمومه دون الندرة فيه من المجيدين المتمكنين أصحاب الكعب العالي فإنها مرت مسموعة مستساغة لكنها غير ملزمة أو محفزة حتى على ذكر أهمية التغيير دون حتميته المستحيلة... على ما يبدو.. على الأقل.

 

أين الألمعيون البناة؟

إن بلدا لا مخترعين و مبتكرين و مبدعين و مستحدثين و مجددين له في عصر النبوغ و الخوارق العلمية لا مكان له تحت سمائه الصقيلة من الخرافة و فوق أرضه المحررة من عبثية الكسل و الاعتبارات الكابحة. في جمهورية مدغشقر، تلكم الجزيرة النائية في الطرف القصي من القارة السمراء في عرض المحيط الهادي، يدخل وزير الصحة فيها التاريخ الطبي بإجرائه عملية معقدة دامت عدة ساعات في العاصمة "أنتاناريف" لفصل توأمين و لتتخذ بذاك دولته مكانا معتبرا على لائحة البلدان القليلة التي تجرى فيها مثل هذه العمليات النادرة. و في تونس يتألق وزير مالية باستحداثه نظرية اقتصادية هيأت للبد سبل استثمارات كثيرة عادت عليه بالخير العميم و فتحت أبواب التصنيع بحلل جديدة تمثلت أولى فوائدها في استقطاب التكنولوجيا إلى مصانعها و جامعاتها و معاهدها العلمية و البحثية. و في المغرب و السنغال وزراء ارتبطت أسماؤهم بنظريات علمية ذات كفاءة و قفزات اقتصادية نوعية و اكتشافات مذهلة في حقول شتى رفعت سمعة بلدانهم و أسست لثقة كاملة في تعامل العالم معها.. تأخذ و تعطي و تبتعد عن مستنقعات النهب و الفساد و خيانة المثل العليا و قيم الجمهورية. ترى أين وزراؤنا من عطاء هؤلاء الألمعيين و غيرهم من الذين تركوا بصمة على دفتر الخلود؟ و ما هو قدر المسافة التي تتسمر فيها أوصالهم عن الحراك بعيدا عن حضور هؤلاء و ما يقومون به من تلميع لبلدانهم و تثبيت لمكانة لها بين الدول الناهضة الصاعدة بثبات إلى أعالي قمم المجد و ذرى البناء؟