على مدار الساعة

إيرا وضمير ومقاومة: موريتانيا تنجرف في دوامة التطرف الديني

23 نوفمبر, 2017 - 10:04
جمال ولد اليسع، وبيرام الداه اعبيدي

الأخبار (نواكشوط) – قال منظمتا مبادرة انبعاث الحركة الانعتاقية "إيرا"، وضمير ومقاومة إن موريتانيا "تنجرف في دوامة التطرف الديني"، وأكدتا أن موريتانيا "تتجه، على المدى المتوسط، نحو إقامة حكم استبدادي إسلامي لن تتنكر له القاعدة وداعش".

 

واعتبرت المنظمتان في مذكرة إخطار  دبلوماسية صادرة عنهما أن "تحقيق هذا المشروع انطلق منذ سنة 2010 وبلغ اليوم أقصى سرعته، وقد بدأ انتشاره يتجذر ويتكاثر من خلال المدارس القرءانية والمحاظر ومعاهد العلوم الأصلية التي تحتضن وتكتتب المئات من منطقة إفريقيا جنوب الصحراء وبعض المتطوعين القادمين من أوربا".

 

وشددتا في المذكرة التي حملت عنوان: "موريتانيا تنجرف في دوامة التطرف الديني" أن "وزارة التعليم الوطني لا تمتلك أية قدرة على مراقبة محتوى الدروس والكتب ونوعية الوعظ، لكنها لا تجهل أهدافها الكامنة في كراهية الغير وتلك المتعلقة بقتل الحريات وما وراءها من غايات جهادية عنيفة. ويوما بعد يوم، في جو من لا مبالاة وعجز الحكومة وأحزاب المعارضة والقوى الأجنبية، تتضخم أعداد جيش الشارع وتزداد عنفوانا، وهي تتعجل الهيمنة والإكراه وسفك الدماء إن تطلب الأمر".

 

وأشارت المنظمتان إلى أن الخلاصة القضائية في ملف كاتب المقال المسيء للنبي صلى الله عليه وسلم – ورغم تقديم النيابة لطعن لا يلغي الحكم – هو أنه "يظل حبيسا "ضمانا لأمنه" حسب ما تتحجج به السلطة السياسية"، مردفة أنه "على المدافعين عنه، المطاردين من قبل حراس السلفية المحيطين بهم، أن يتخفوا وأن يهجروا منازلهم ويغيروا محل سكناهم كل ليلة تقريبا. يتعلق الأمر بالأستاذ محمد ولد امين والأستاذة فاتيماتا امباي: هذه الأخيرة، المستهدفة بحملة تشويه ذات طابع عنصري، تحصد كيلا من السخرية لا يصدق، تماما مثلما توصف بـ"العلجة" وبـ"القردة العجوز"، حاصدة من الاحتقار أكثر مما يحصد ولد امين المهدد في سلامته الجسدية".

 

ووصفت المنظمتان الدولة بأنها "وجدت نفسها حبيسة المزايدة مع الحراك السلفي. لذلك قدم وزير العدل، بعيد الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء يوم 17 نوفمبر، مشروع مراجعة المادة 306 من القانون الجنائي القاضي بإعدام مرتكب أية إهانة أو استهزاء بالله ورسله، مؤكدا أن مرتكب هذه الأفعال لا تقبل توبته خلافا لنص الشرع الإسلامي".

 

وأضافت: "لقد بلغت المنافسة مع أنصار الدولة "الدينية" درجة غير عادية. فحسب الصيغة الجديدة للمادة، التي ستقدم عاجلا لتصويت النواب، فإن مرتكب هكذا جرم غير يعرض نفسه للقتل دون الإستفادة من مقتضيات الشرع الإسلامي الأصلي. نذكر، ويا لها من سخرية، أن الروابط الإسلامية والحكومة وكافة الطبقة السياسية كانوا قد شجبوا بشدة مذبحة شارلي أبدو. بعد ذلك يبرر البعض هذا الوضع وتناقضه مع مصير ولد امخيطير بخصوصية هذا الأخير. فحكم الإعدام، المترتب على المساس بالدين، لا يطبق إلا على المسلمين!".

 

واعتبرت المنظمتان أن فرضية أن "ترتمي موريتانيا في تجربة طالبان بأفغانستان أو محافظات البشتون بالباكستان، تبدو فصولها قيد الاكتمال"، وأضافتا أنه "بعد ثلاثة عقود من التعريب الممنهج لقطاع التعليم والإدارة والجهاز القضائي والقوات المسلحة وقوى الأمن، ترعرعت أجيال من الموريتانيين في هواجس الذنب والخطيئة وتدبير اللامرئي ومقت كل ما ليس عربيا ومسلما".

 

ورأت المنظمتان أن "الشريحة المثقفة الخاضعة للترهيب، التي تخاطر بصون الحق الأساسي للمتهم في الحفاظ على حرمة جسده، أصبحت متحفظة بحثا لنفسها عن طوق نجاة".

 

كما اتهمتا أحزاب المعارضة بأنها "اختارت التفسير "التآمري" وتتبعت ديماغوجية في متناول الجماهير التي تحفزها ثلة من الدعاة ذوي الخلفية الوهابية الذين اتضح أن التفريق بينهم والجهاديين يطرح إشكالا".

 

وأضافتا "بالنسبة للقوتين الرئيسيتين للتناوب ظلتا تسايران دعايات صناع التطرف مع امتناعهما عن نشر بياناتهما بأية لغة غير العربية خوفا من أن تخسرا مصداقيتهما لدى العالم الحر. هذه الإزدواجية تتعلق أساسا بالجبهة الوطنية للديمقراطية والوحدة وتكتل القوى الديمقراطية العضو في "الاشتراكية الدولية" الموجه العالمي للعلمانية".

 

وأردفتا: "أما النظام، شأنه في ذلك شأن الهيئتين الآنفتي الذكر، فيساهم، حسب طعم الانتهازية والانحناء لتتبع الموجة الشعبية أينما اتجهت، منذ بدء الأحداث، في تغذية وتقوية قبضة قطب الرجعية على المجتمع بأسره".

 

ووصفت المنظمتان حزب "تواصل" بـ"الجناح الشرعي من حركة الإخوان المسلمين"، واعتبرتا أنه "بالصمت اعتمد طريقا معتدلا بعد أن تجاوزته الأحداث، وبعد أن ساهم في محاولة العصيان المدني".

 

ورأت المنظمتان أنه "وراء هيجان الحشود، تعمل حفنة من المقاولين في مجال الإعلام الشعبوي، موجهة اندفاعها، في المقام الأول، إلى المحسنين البعيدين. فالكفاح من أجل شرف النبي صلى الله عليه و سلم يمثل، قبل كل شيء، أعمالا تجارية مربحة ورأسمال مدر لأموال المانحين، العموميين والخصوصيين، في الشرق الأوسط. ففي زمن الشدة هذا، الذي سببته الحيطة العالمية من تمويل الإرهاب، والذي فاقمه الخلاف بين العربية السعودية وقطر وإيران، نفد المال المبارك أو جف مصدره على الأقل. ومن أجل الحفاظ على الخيط المغذي، لا بد من خلق جو متوتر على الدوام واختراع وتضخيم وإثارة تدنيس القرءان الكريم والكفر بوتيرة شهرية أو أسبوعية".

 

وتساءلت المنظمتان "كيف لبلاد يروج وزراؤها وأحزابها ومنتخبوها ومصالح أمنها وقيادات جيشها للقتل، أن تساهم في مجموعة الـ5 الساحلية؟"، وأردفتا قائلتين"فضلا عن هذا الجهاز العسكري الذي يضر بسمعته اليوم غموض وتراخي الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فإن الجزائر والمغرب أصبحا يريان الآن على حدودهما الجنوبية دولة تطرف عنيف على شاكلة طالبان الأفغانية. ليس من المستحيل إبراز المفارقة، ففي وقت تسعى فيه الأنظمة للتخلص من قبضة الوهابية، حفارة قبور العيش المشترك والتسامح، تسلك موريتانيا الدرب المعاكس سابحة ضد تيار التاريخ".

 

ـــــــــــــــــــــــــ

- لقراءة نص المذكرة اضغطوا هنا أو زوروا ركن وثائق