على مدار الساعة

أحياء في كيهيدي: نعيش كاللاجئين ومن دون مقومات الحياة (فيديو)

27 نوفمبر, 2017 - 08:00

الأخبار (كيهيدي) – "إننا نعيش كاللاجئين رغم أننا في وطننا، وفي مسقط رؤوسنا"، "في الحي الذي نوجد فيها لا توجد شبكة للمياه، والكهرباء غير متوفرة. الأطفال لا يذهبون إلى المدارس لأنها بعيدة، كما لا نستفيد جميعا من الخدمات الصحية فهي أيضا بعيدة، ومكلفة، ولا نحن لا نملك شيئا".

 

هكذا تخلص السيدتان زينب وامانَ واقع حيي "المطار"، و"بكر" في مدينة كيهيدي عاصمة ولاية كوركل جنوبي موريتانيا، وتتقاطع أحاديثها صوت بكرة البئر التي يعتمد عليه الحي في توفير مياه شربه.

 

يقع الحيان يمين المنصة الرسمية التي نصبت في مداخل المطار، وتقطنهما مئات الأفراد، يشتركون في الشكوى من الواقع الذي وصل إليه حيهم، ومن "الاستبعاد" – كما يقولون – من كل البرامج التنموية التي يعلن عنها، أو المشاريع الخدمية التي يجري تنفيذها في المدينة.

 

بئر موقوفة

يعتمد سكان حي "المطار" في سقايتهم اليومية على بئر أوقفتها إحدى سيدات الحي قبل سنوات، قبل أن ترحل عن الدنيا، ويرحل ذووها عن المدينة لتبقى البئر تواصل ري ظمأ السكان، ويتحملون تكاليف إصلاحها في حال تعرضها للخطر.

 

يتدافع أطفال الحي على البئر، ويتراشقون بأولى دفعات المياه التي تصل الأواني الموجودة في محيط البئر القصيرة، فيما تبدي الأمهات المنهمكات في استخراج المياه انزعاجهن من تضييع الأوضاع لـ"ثروة" مائية مهمة، تم الحصول عليها بعد جهد جهيد.

 

وتقول زينب – وهو ترفع المياه من البئر – وبنبرة حزن واضحة: "إنهم لا يشعرون بوجودنا هنا، أو لا يعتبروننا بشرا. لقد بدأ خلال الفترة الأخيرة تنفيذ مشروع لتوصيل المياه إلى بعض أحياء المدينة وعندما راجعناهم قالوا لنا بصريح العبارة إن حينا غير مبرمج فيها. هكذا بكل بساطة، ودون أن يكلفوا أنفسهم حتى منحنا وعدا أو أملا بتاريخ ما لنتعلق به، وننتظر وصوله".

 

وتدعو زينب باسم ساكنة حي المطار في كيهيدي الرئيس ولد عبد العزيز لزيارة الحي، والإطلاع بنفسه على واقعه، والعمل على توفير الخدمات الأساسية قبل نهاية احتفالات ذكرى الاستقلال، حتى ولو تطلب ذلك توجيه بعد التمويلات المخصصة للاحتفال لتوفير ضروريات الحي لهم.

 

تهميش.. وحرمان

محمد – وهو أحد المتحدثين باسم الحي أمام السلطات الإدارية – قال للأخبار إن حي المطار، وحي "بكر" المجاور له، وعدة أحياء أخرى في المدينة، تعيش حالة تهميش شامل، وحرمان من مختلف ضروريات الحياة.

 

ويعبر محمد بحسرة عن الألم الذي شعر به هو وممثلو الحي عندما خاطبهم المسؤولون عن ملف شبكة المياه بقولهم: "حيكم غير مبرمج في أي المشاريع الموجودة لدينا"، متسائلا: "ما هو سبب استبعاد حينا. إنه من أفقر الأحياء في المدينة وأكثرها حاجة لكل شيء، من مياه الشرب إلى الكهرباء، إلى المرافق الصحة والتعليمية.

 

فاطمة - إحدى الأمهات في الحي – ترى أن الوضع لم يعد يطاق، قائلة: نحن نعتمد على الآبار في توفير المياه إن مياهها تقل – وربما تجف – مع اقتراب موسم الصيف، آن الأوان أن تتحمل السلطات مسؤوليتها وأن تغير من واقعنا"، فيما يعلق زوجها المضجع غيربعيد  بقوله: "أكثر ما نعاني منه هو البطالة، أذهب يوميا للبحث عن عمل، أي عمل لكن في العديد من الأيام لا أجد أي عمل، وأعود خاوي الوفاض، وأشهر بالقهر من نظرات الأبناء".

 

ويتجاوز الضرر العجز في توفير مياه الشرب إلى الأثر الذي يتركه في مزارع أهل الحي وعلى حيواناتهم، فأحيانا يعجزون – كما قالوا – عن توفير أكثر من حاجة الشرب لأسرهم، وهو ما يعني خسارة مال وجهد تم استثماره في المزارع أو في الحيوانات.

 

ويعتبر سكان حي "المطار" و"بكر" اختيار مدينتهم لتخليد ذكرى الاستقلال للعام الحالي فرصة يمكن أن تخفف معاناتهم، غير أنهم لا يخفون تخوفهم من أن تضييع هذه الفرصة في ظل غياب إي أثر إيجابي لها على الحيين إلى الآن.