على مدار الساعة

محطات من التاريخ السياسي للإسلاميين خلال العشرين سنة الماضية (ح: 2)

10 ديسمبر, 2017 - 13:58
الأستاذ / إسماعيل موسى الشيخ سيدي

مرحلة حزب الأمة:

اتضح من ما سبق أن الإسلاميين حسموا على الصعيد النظري موقفهم من المسألة السياسية؛ بل أكثر من ذلك شاركوا مع القوى الوطنية الأخرى في المطالبة بإنهاء تحكم العسكر في المشهد السياسي وإتاحة مستوى من الانفتاح الديمقراطي...

 

والحقيقة أن ظروفا خارجية أخرى تتعلق بفرنسا وسياساتها في مستعمراتها السابقة؛ وكذلك تصدع المعسكر الشرقي كل تلك العوامل ساهمت في الإعلان عن الانفتاح الديمقراطي في موريتانيا (إبريل 1991).

 

المهم أن البلاد دخلت في أجواء جديدة من الحياة الديمقراطية، وصدر الأمر القانوني رقم: 042 – 91 في مساء يوم الخميس 25 يوليو عام 1991 وهو أمر قانوني ينظم الحياة الحزبية، وهنا حدث حراك قوي في الساحة السياسية وبدأت كل الأطراف تعد العدة للمشاركة في المشهد الجديد بمن فيهم الإسلاميون الذين كان من أهدافهم وجود مظلة حزبية يقدمون من خلالها مشروعهم للرأي العام الموريتاني.

 

وهنا تقدم سبعة رجال من رموز التيار الإسلامي بطلب لترخيص حزب سياسي باسم: (حزب الأمة) وهؤلاء السبعة هم السادة:

- عبد الله ولد أحمد ولد حمدي.

- إسلم ولد امبارك.

- فودي ماريكا.

- عبد الله بن الركاد.

- هارونا يوبى انياس.

- أحمد بن اباه.

- لمهابة بن محفوظ).

 

وتم تقديم الطلب يوم 14 نوفمبر 1991، لكن السلطات كانت جاهزة لإجهاض هذه المحاولة، ورفض أي محاولة للإسلاميين تهدف إلى وجود مظلة حزبية مستقلة وهو ما عبرت عنه في حينه أكثر من جهة حكومية وأمنية تصريحا أو تلميحا.

 

المهم تم رفض مجرد استقبال ملف الحزب من طرف وزارة الداخلية...

 

وقد جاء البيان رقم: 1 الصادر عن الحزب بُعيد رفضه ليشرح بكل وضوح تداعيات الرفض وأسبابه، وجاء فيه ما نصه: (أيها الشعب الموريتاني المسلم: لقد تقدمت مجموعة من أبنائك المؤمنين الصادقين؛ أئمة ودعاة وأطرا ونساء وشبابا؛ بملف كامل الشروط والمستلزمات القانونية لوزارة الداخلية يوم الاثنين: 12 – 05 – 1412 للهجرة، الموافق: 12 – 11 – 1991، قصد الترخيص لحزب سياسي يدافع عن إسلام الأمة - من غير احتكار له ولا وصاية عليه - هذا الإسلام المهدد بسياسات التغريب والعلمنة التي تنتهجها السلطات الحاكمة بغير ما أنزل الله؛ ويسعى جادا للمحافظة على الوحدة الوطنية؛ ترسيخا لمقومات الاستقرار ومحاربة لكل دعوات التجزئة والانقسام..؛ وجاء جواب الوزارة هزيلا في شكله متناقضا في مضامينه؛ جاء هذا الجواب رافضا لحزب الأمة).

 

بعد ذلك توالت الندوات المسجدية الاحتجاجية على قرار الرفض وكانت أسبوعية ومتنقلة بين مساجد العاصمة ومقاطعاتها المختلفة... وقد حضرت فى ذلك الوقت وأنا طالب في جامعة نواكشوط أغلبها..

 

وإنارة للرأي العام وتبصيرا بقضيته ودفعا للشبهات جمع القائمون على حزب الأمة وثائقه التي قدمت لوزارة الداخلية في كتاب كان متداولا في تلك الفترة.

 

وتضم تلك الوثائق: (النظام الأساسي للحزب ويتكون من سبعة أبواب وخمس وخمسين مادة؛ البيان السياسي العام ويتعرض لخصائص الحزب والمعالم العامة لمشروعه المجتمعي؛ اللجنة التنفيذية المؤقتة ووظائفها القيادية؛ البيانات الصحفية).

 

كما أن الحزب اتخذ موقفا صريحا وجريئا في ذلك الوقت بإعلانه ودون مواربة دعمه لمرشح المعارضة الأستاذ أحمد ولد داداه فى الانتخابات الرئاسية الأولى من نوعها التي جرت في تلك الفترة.

 

وكانت للحزب قيادة عبارة عن لجنة تنفيذية مؤقتة ضمت ستة عشر عضوا من ضمنهم على سبيل المثال لا الحصر الرئيس: محمد ولد الشيخ محمد المصطفى (الشيخ محمد ولد سيد يحي)، ونائبه الأول الإمام عبد العزيز سي رحمه الله، الأمين العام المساعد محمد جميل بن إبراهيم ابن منصور، رئيس دائرة العلاقات الخارجية محمد سعيد بن محمد محمود، رئيس دائرة الرقابة أحمد ولد أباه، رئيس دائرة الإعلام عبد الله آمدو صو.

 

(بقية لائحة أعضاء القيادة التنفيذية ستنشر بإذن في المحور الأخير من هذه التدوينات وهو المحور المتعلق بالصور والمستندات والوثائق).

 

هكذا تم رفض حزب الأمة... وهكذا تم إجهاض المحاولة الأولى للولوج للعمل الحزبي المرخص...

 

فماذا حدث بعد ذلك...؟

ذلكم هو موضوع التدوينة القادمة بإذن الله.