على مدار الساعة

آفاق التعاون الموريتاني التركي

22 فبراير, 2018 - 17:14
أحمد سالم البخاري

تركيا قوة اقتصادية كبيرة ، تحتل المرتبة 19 على مستوى العالم ولا زالت تنمو بشكل مضطرد، وهي بذلك تمتلك مقدرات استثمارية هائلة قادرة على دفع اقتصادنا الوطني قفزات إلى الأمام إن توافرت النية السياسية الصادقة.

 

نعرف جميعا أن تركيا تنتهج سياسات إستراتيجية حيوية هامة جدا، وتبني تحالفات كبيرة على مستوى العالم وخاصة العالم العربي والإفريقي (قطر - السودان - جببوتي....) تصب في مصلحة الطرفين.

 

تعرف تركيا أن أيامها في حلف النيتو قد ولت، وأن لا مستقبل لحلفها مع الروس للتناقض الغالب في المصالح والنزاع الدائم على السيطرة على دول الاتحاد السوفيتي السابق الناطقة باللغة التركية، وكذلك تفضيل الروس لإيران على حساب تركيا.

 

بالرجوع إلى الساحة الوطنية تستطيع تركيا تطوير اسنيم والانتقال بها إلى عهد التصنيع بدل تصدير الخام البدائي، وتمتلك تركيا خبرة عالمية في مجال الحديد، وهو مشروع غاية في الأهمية تقاعست دول كبيرة عنه (الإمارات والسعودية وقطر..).

 

وقد تحاول تركيا شراء واحتكار جميع إنتاج سنيم في إطار تسابق الدول المصنعة على الخامات أو ما بقي منها!

 

كذلك تجيد تركيا الاستثمار في البني التحتية والمناطق الحرة وستكون منطقة انواذيب الحرة لما تمتلك من مقومات إستراتيجية وسياحية مصدر اهتمام لرجال الأعمال الأتراك على غرار جزيرة سواكن السودانية وجربة التونسبة.

 

تركيا أيضا قوة عسكرية تمتلك جيشا ضمن أفضل عشر جيوش في العالم، والجيش الموريتاني يخضع لعملية تجديد منذ فترة تخت قيادة الفريق محمد الغزواني وستكون تركبا راغبة جدا في التعاون في القطاع الحساس.

 

وحتى الزراعة والصيد و قطاعات كثيرة في الاقتصاد الموريتاني لا تزال شبه بكر! ويستطيع التعاون التركي الموريتاني فعل الكثير فيها.

 

كل ما تقدم من فرص كبيرة وواعدة يمر من مشكاة السياسة!! فلحد الساعة موريتانيا تتخندق في محور ليس هو محور تركيا في العالم العربي ويتضح ذلك جليا من موقفها الحاد من قطر، وقطع علاقاتها الدبلوماسية معها والاصطفاف خلف السعودية والإمارات!! ولكن هل جني نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ما كان يرتجي من ذلك الحلف؟ أم أن خيبة أمل تضرب أطنابها على القصر الرمادي من لؤم ذوي القربي؟ أم أن عرب الخليج أنفسهم لم يعودوا يمتلكون الميزة التنافسية تماما نتيجة لمجموعة من السياسات الخاطئة التي أقدموا عليها واستنزفتهم سياسيا واقتصادبا وحتى اجتماعيا بشكل كبير (حرب اليمن - أزمة قطر - أزمة إيران - تدخل في سوريا وليبيا ومصر...)؟

 

نعلم جميعا أن السياسة هي فن الممكن! وهي في جوهرها طلب ورعاية مصالح، ونعرف جميعا الطبيعة البروجماتية المتأصلة في شخص الرئيس محمد عبد العزيز ونظامه (وهذا يحسب له!!) وكذلك الرئيس أوردوغان (و نستحضر التحول الدراماتيكي في موقفه من روسيا من مواجهة عسكرية إلى حلف وثيق جدا) هذا يجعل إمكانية ظهور تحولات حقيقية في السياسة الخارجية للبلد أمر وارد جدا واستعادة العلاقات مع قطر في شهور قليلة ومن خلال البوابة التركية.

 

للصداقة مع تركيا ثمن قد يكون كبيرا، وأرجح شخصيا أن تطلب تركيا إقامة قاعدة عسكرية وإبرام بعض الاتفاقيات مع المؤسسة العسكرية شرطا لتدفق الاستثمارات التركية في شرايبن الاقتصاد الموريتاني المنهك.