على مدار الساعة

ورقة ترحم مع توضيح قليل لبعض سيرة المرحوم الرئيس السابق اعل ولد محمد فال :

10 مايو, 2017 - 14:55
بقلم الأستاذ / محمدو بن البار

هذا الرجل كما يعرف الذي يعرفني ويعرفه أننا لم نكن زملاء مدرسة واحدة ولا رفيقي حياة: فأنا لم أدخل مدرسة ابتدائية ولا ثانوية إذ كنت في المحظرة في تلك السنين ودخلت الجامعة مباشرة في الخارج وتخرجت منها، وهو دخل الابتدائية والثانوية العسكرية مباشرة حتى تخرج منها ضابطا ودراسته فرنسية محضة، وشاء القدر أن انخرطت في سلك الشرطة وحولت مديرا جهويا للأمن في ولاية الترارزة وحول هو إليها كقائد للمنطقة العسكرية السابعة، وفي نفس الوقت قائدا للإدارة الإقليمية وللهياكل ورئيسا للوالي بتلك الصفة ولم يبق حجر ولا مدر في الترارزة إلا وصلناه لتنصيب الهياكل، فكان المواطنون يسيئون على إدارة التنصيب ويتشاجرون أمامهم فلم نسمعه كهر في أي مواطن وكل ما قُبِض على المشاغبين بعد العملية يقول أطلقوا سراح جميع الموقوفين.

 

وشاء الله أن حُوِل هو إلى الإدارة العامة للأمن مما يعني رئاستي مباشرة في العمل والتي دامت 18 سنة، وفي تلك المدة جربنا أنه يتحاشى أن يسيء إلى أي أحد لا من الشرطة ولا من المواطنين، فقد أعطاه الله شخصية يحترمه بها من رآه مباشرة، وتحتها طبيعة أخلاق وشهامة وتواضع تهون على الرائي تلك الرؤية المهابة بمجرد النظر، كما قال صلي الله عليه وسلم لمن رآه يرتعد خوفا منه فقال له: هون على نفسك إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد، فهو كذلك كأنه كان يقتدي بالنبي صلي الله عليه وسلم بقول لسان حال معاملته لمن حوله أيا كان وفي أي وقت أنا زميلك المستعد لتنفيذ طلبك ولو كان مرؤوسا بسيطا، فقد أعطاه الله سيرة في حسن الخلق والمعاملة لا يعرفها إلا من نظر إليه يريد استخلاصها من معاملته.

 

وعليه فإني أؤكد للجميع أنه في حياته لم يأمر بسجن أي مواطن فضلا عن تعذيبه لا في أحداث سنة 89 ولا في عراك الدولة مع الحركات بعد ذلك، ولكن ما خفي على الناس هو أنه في أول إدارته للأمن حاول أن يضع يده علي الأمن السياسي بأن يجعل عليه من يتبع أوامره مباشرة فمُنع من ذلك، ومن ذلك الوقت ترك بهدوء الجانب السياسي لأهله وأصبح هو مثل القارئين والسامعين لما يجري في هذا الصدد مع توقيع كل ما عليه أن يوقعه شكليا من هذا القبيل وبقي هو مديرا للشرطة الإدارية فقط، ومعني ذلك أن اعل ولد محمد فال المنظور على الطبيعة ليس هو اعل ولد محمد فال المتعامل معه والمتجاذب الحديث مع المتحدث معه في أي موضوع وكذلك اعل ولد محمد فال ووظيفته بالاسم ليس هو المتعامل معك على ضوء الاسم لتلك الوظيفة.

 

وعندما جاءت الديمقراطية العسكرية الفوضوية سنة 92 وأعطيت الدولة للبرلمان وفسد كل شيء وأكلت الأموال العمومية وسحب من الشرطة اختصاصها بالتبليغ تلقائيا، أصبحت من غزيه مثل الوزراء والمدراء وقواد المناطق العسكرية الخ.

 

ولذا فعلى "الشنقيطي" أن يعود بكلماته إلي ضرع قلمه أو ينتظر أن يموت قائدا آخر غير اعل ولد محمد فال أو يحولها إلي عبد الفتاح السيسي فهو أحق بها وأهلها.

 

وقد شهدنا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين، فرحم الله اعل ولد محمد فال ما أحسن خلقه وألين عريكته وما ألطفه بالمواطنين مع أن المؤمن الحامل للعقيدة الإسلامية الصحيحة يكفيه قوله تعالي: {ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما}.