على مدار الساعة

مكانة الاقتصاد والتنمية في التشاور المرتقب..!؟

31 أكتوبر, 2021 - 21:09
سيدي ولد إبراهيم ولد إبراهيم - خبير محاسبي، فاعل سياسي

لا يمكن للتحالف وتواصل، وصمب تيام والصواب، وكذلك آمادو جوب، أو التكتل، ولا حتى بيرام وصار، وولد بربص، وولد حنن، وولد هارون وبقية الأحزاب والمنظمات والمدونين في الداخل والخارج، لا يمكنهم جميعا الحديث إلا عن الوحدة الوطنية، والعبودية والفساد وحقوق الانسان وحرية التعبير وحرية الصحافة والإرث الانساني وقانون الانتخابات وحياد الإدارة وعدم استخدام مواردها، فضلا عن فصل السلطات وإعادة غرفة الشيوخ وآلية الانتخابات القادمة والتنديد بالعنصرية والقبلية والجهوية وتمويل الأحزاب وحصصها  داخل الهيئة المشرفة على الانتخابات ودور النقابات وأحداث 1989، 1990، 1991  واللغات الوطنية والهوية واللغة الرسمية والفرنسية والعربية واللائحة تطول من المواضيع التي تعتبر هي الشغل الشاغل للساسة عندنا منذ عقود.

 

ليس هناك من يقف ضد التشاور ولا ضد الحوار بل إن الجميع يعتبره سنة حميدة، ومن الضروري احترام إرادة المشاركين فيه، لكن مقتضيات الحال بعد ستين سنة من قيام الدولة تحتم علينا الإصرار على نجاحه ومضمونه ونتائجه واستغلاله من أجل مصلحة الوطن.

 

إن أغلب المشاركين في هذا التشاور يحملون هذه الشعارات والمطالب منذ 1991 ونظموا حوارات في السابق تناولت نفس المواضيع، وانضم اليهم آخرون جدد، لكنهم جميعا لم يدركوا حتى الآن أن جميع ما يتحدثون عنه يعتبر قضايا سابقة لأوانها ما لم تناقش في كنف الدولة ذات الاقتصاد الصلب والدولة  السالكة لطريق التنمية، تلك الدولة المتمكنة من استغلال ثرواتها وتأميمها بإشراف أبنائها على أسس وطنية مبنية على استراتيجيات يتصدرها العنصر البشري، وتستهدف الأولويات على المدى القريب والمتوسط والبعيد.

 

إن هذا التشاور يدخل في إطار الجانب السياسي للبرنامج الطموح لفخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، أطلق جانبه الاقتصادي والتنموي عند وصوله للسلطة والمتعلق بالقطاعات المحورية المتمثلة في القطاع البحري والمعدني والزراعي والثروة الحيوانية من أجل خلق توازنات تنموية يمكن التأسيس عليها لمواجهة الاختلالات البنيوية التي تعاني منها القطاعات الخدمية في كافة ولايات الوطن، مع وضع برامج استعجالية موازية من أجل معالجة الأوضاع المزرية التي وجد فيها البلاد وخاصة تلك المتعلقة بالطبقات الهشة التي لم تعد تتحمل التأجيل.

 

ومن هذا المنطلق ونظرًا لنتائج الحوارات الماضية المتكررة والمتشابهة والتي سبق أن أشرنا إليها، ينبغي أن يركز هذا التشاور على وضع تساؤلات وتأملات كبرى حول الإخفاقات المتراكمة منذ ستين سنة في المجال الاقتصادي والتنموي والتي يحتاج فخامة رئيس الجمهورية فيها لدعم كافة القوى الوطنية وخاصة الأطراف المشاركة في التشاور من أجل نهضة اقتصادية شاملة، هذا يتطلب تركيز الاهتمام على فتح ورشات متخصصة ومفتوحة أمام جميع الكفاءات والخبراء في المجال الإداري والاستثماري والاقتصادي والمالي والصحي والزراعي والمعدني والصيد البحري، والتنمية الحيوانية من أجل دراسة محكمة ومعمقة تنطلق من طبيعة واقعنا الاقتصادي، وتراعي خصوصيته.

 

وهكذا يمكننا أن نقدم مساهمة علمية قادرة على دعم الاختيارات الوطنية الجديدة للدولة خاصة أن المواطن والمجتمع والمراقبين لا يكتفون بالأسلوب التقليدي المتمثل في تقديم ورقة من طرف وزارة الشؤون الاقتصادية تغلق المجال أمام الخبراء وأهل التخصص.

 

إن من أهم الأسباب الحقيقية لتأخر البلد عن ركب الدول هو عدم اهتمام طبقتنا السياسية بالتنمية الاقتصادية، التي لم تكن يوماً جزءا من خطابها مما حوله إلى بلد مليون سياسي ومليون تاجر وذلك على حساب مليونين يضمان متخصصين في مجالات البناء والتنمية والاقتصاد.

 

كما أنه من المهم جدا أن نتذكر أن طرح القضايا الآنفة الذكر في الحوارات الماضية رغم أهميتها ساهم في إثارة الكثير من الخلافات التي كنا في غنى عنها، والتي أثبتت أنها لا تقدم، وذلك نتيجة تفاوت المشاركين في المستويات وغياب النضج السياسي الذي لا يرقى لمستوى التحديات، ينضاف إلى ذلك الأجندات التي تغذيها المصالح الضيقة ومشارب أخرى.