على مدار الساعة

آن الأوان

21 ديسمبر, 2021 - 01:03
محنض باب المختار محمدا

نحن المدرسين - موظفي وزارة التهذيب الوطني - ظروفنا المادية ليست أسوأ من ظروف الأئمة والصحفيين وبعض الأطباء والحمّالين وموظفي بعض الوزارات الأخرى وبعض الضباط وحملة الشهادات العاطلين عن العمل.. وهم جميعا  أناسيّون لهم حقوقهم ، ولسنا أقرب إلى الظلم منهم..

 

لماذا هذا الصراخ؟

 

..منذ عقود والمدرسون يصرخون ويتأوهون.. هل تغير  شيء؟ هل تحسنت ظروفهم؟ كَلَّا.. بل ازدادت سوء حسب المعلن والله يتولى السرائر..

 

من حق المدرسين بل من واجبهم أن يعبروا بطرق حضارية شريفة عن رغبتهم في تحسين ظروفهم المادية والمعنوية؛ لكن من  المخجل والمسيء لمهنة التدريس أن يدوس المدرس كرامته برجله وينادي بأعلى صوته تبا لمهنة التدريس..

 

إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه.. الخ

 

ولوأن أهل العلم صانوه صانهم .. الخ

 

أنتم معشر المدرسين من اخترتم هذه الطريق  وهذه الوجهة بمحض إرادتكم؛ ولا يقبل أن تمتهن من داخل دائرتكم الضيقة وتلتزمون الصمت..

 

وهون في أقاصي الناس  هين

وهون (في الوظيفة) غير هين

 

قد يقول قائل إن من امتهان مهنة المدرس أن ينتسب مثلي لحقلها المشرّف.. صحيح وأعترف بذلك؛ ولا أراه يمنع من مناشدة المدرسين لاستدراك الوضع بجهودهم الذاتية؛ دون انتظار "مدد" من جهة أخرى.

 

لن تجد - إلا قليلا - موظفا يلعن وظيفته جهارا نهارا على مرأى ومسمع من الناس غير المدرس فوق أديم هذا المنكب، لذلك تهاونت الحكومات ومنظمات المجتمع بالمدرس حين تهاون بنفسه..

 

هل سمعتم  كثيرا عن تدني رواتب الصحفيين؟ أو علاواتهم؟

 

هل سمعتم عن رواتب الأيمة؟ أسعدنا الله وإياهم..

 

معشر المدرسين طائركم معكم؛ وقد ركب السياسيون والحقوقيون أمواج غضبكم فأوصلتهم سفنكم إلى بر الأمان؛ وبقيتم تراوحون المكان تنادون بصوت مبحوح:  تعِس المدرس.. وهلك.. بل فاز وانتصر إن شاء الله.

 

لن ترفع الحكومات المقصّرة عنكم ظلما ولا هضما؛ ولن يمنحكم الآخرون منزلة تبخلون بها على أنفسكم..

 

وقد آن الأوان لنعيد لمهنة التدريس ألقها، ونبرز للناس رونقها، ونجذب الأفئدة إليها إكراما لمهنة العلماء.. بعيدا عن المزايدة الإعلامية، وتجنبا لموت الضمير..

 

وختاما، أذَكّر وزارة التهذيب بضرورة  تحمّل كافة مسؤولياتها - أمام مصادرها البشرية المهانة - من أجل مساعدة المدرس على استعادة المكانة اللائقة به بعيدا عن العنتريات؛ واستنطاق المفاهيم الفضفاضة.

 

وأتساءل هنا ماذا يكلف وزارة التهذيب تعميم إلى الجهات المختصة بضرورة تسهيل خدمات المدرس؟ 

 

ماذا يكلف إعداد بطاقة بيومترية؟

 

ماذا يكلف الوزارة تعاون مع الداخلية لتوفير دوريات شهرية أوأسبوعية منتظمة تتفقد ظروف كافة المؤسسات التعليمية؟

 

ماذا لو استبدلت نظرة المدرسين التقليدية إلى رجال الأمن - المفَرقين لتوقفاتهم الاحتجاجية - بنظرة إيجابية مغايرة تبعث الأمل والارتياح؟

 

لا يحتاج مثل هذه القرارات إلى ورشات؛ ولا نصوص قانونية؛ ولا موارد كبيره؛ ولا أيام ولا شهور؛ بل يحتاج فقط إلى إعادة الثقة بين المدرسين ووزارتهم.. هناك وعود عرقوبية كثيرة.. ثمت تقصير وتجاذب في تحمل المسؤوليات.. هنالك بطء شديد في اتخاذ القرارات المهمة..غياب الترقية المستحقة..غياب التحويلات المشروعة بين الولايات الداخلية.. فتح الباب أمام تبادلات مُهِينَة وانتقائية.. رفع شعار تثمين مهنة المدرس وهو شعار لم يحمل جديدا يذكر.. هناك أشياء كثيرة أخرى.