على مدار الساعة

الوباء القادم أو المرض المجهول قد يكون أكثر فتكا!

18 فبراير, 2022 - 02:08
الدكتور محمد محمود ولد العالم - أخصائي في علم الأوبئة والبيوتكنولوجيا

"الطبيعة الأم حاليا قاتل متسلسل"

 

الوباء القادم أو المرض المجهول قد يكون أكثر فتكا! هل منظومتنا الصحية على أتم الاستعداد للتنبؤ والرصد المبكر والرد السريع!؟

 

شكلت شدة انتشار وتفشي جائحة كوفيد (١٩) بمختلف موجاته، مفاجأة للعديد من الأنظمة الصحية والسياسية حول العالم، حتى  توصلو إلى حقيقة وحيدة، وهي الاستسلام للأمر الواقع والقبول للتعايش مع الموجات الناتجة عن متحورات هذا الفيروس اللعين، ولو بأخف الأضرار عن طريق استخدام التلاقيح المطورة مخبريا لخفض نسب الوفيات، ولكن أيضا رفع نسبة الحماية وإن كانت غير فعالة بذلك الشكل الكبير الذي كان متوقعا.

 

 في هذا الإطار تشير التحليلات والدراسات الوبائية إلى أن مخاطر الجوائح المستقبلية ستكون كبيرة وغير متوقعة الحدوث بحيث يمكن أن يكون الوباء القادم أسرع بكثير وأكثر حدة مما كنا نعتقد في السنوات الماضية، حيث كانت تظهر جائحة أو وباء "مرة كل قرن" ولكن حاليا مع المشاكل البيئية والتدخلات البشرية في النظام البيئي من تعديل بعض الجينومات النباتية لأغراض اقتصادية من تكثير للمحاصيل الزراعية والإنتاج الحيواني المعدل جينيا، أدى كل ذالك إلى اختلال توازن السلاسل الغذائية الطبيعية في البيئة، وانكسارها في بعض الأحيان، وظهور حلقات وسلاسل كانت مغلقة على نوع أو أنواع حيوانية محددة.. كل هذه الأحداث والتدخلات البشرية كانت المسبب الرئيسي الذي أدى إلى ظهور وتسرب وتفشي كائنات بيولوجية ممرضة ومعدية من فيروسات أو جراثيم كانت في دورة حياة أو حلقات مغلقة بينها وبين حيوانات مقاومة لها ولا تتأثر بقدرتها الممرضة مقارنة بالإنسان.

 

كل تلك الظواهر والاختلالات تؤكد بأن كوفيد -19 ليس الوباء الوحيد في السنوات القادمة؛ إنما هو بداية لقرع طبول الأحداث الوبائية. وإستناداً إلى تحليل البيانات التاريخية حول تواتر وتفشي الأوبئة وتوزيعها الجغرافي، يظهر أن تواتر وشدة انتشار الأمراض المعدية مباشرة من مضيفها أو خزانها الحيواني المنشأ إلى البشر يتزايد باضطراد. كما يوضح الرسم البياني المرفق هذا الاتجاه. 

 

في الأخير، يجب أن نعي أن ما تحمله هذه الدراسات مقلق جدا حيث تظهر أن خطر الوباء القادم قد يكون أعلى بكثير مما يتوقعه الكثيرون حيث تقدر هذه الدراسات أن الاحتمال السنوي لوباء على مقياس  كوفيد -19 في أي عام ما بين 2.5 - 3.3٪، مما يعني أن هناك احتمالاً بنسبة 47 - 57٪ لوباء عالمي آخر مميت مثل  كوفيد -19 في الأعوام القادمة، والمقلق أكثر في الأمر أن البلدان الأكثر ضعفاً وفقرا هي الأكثر تعرضاً لخطر انتشار الأوبئة وأقل استعداداً للاستجابة والرد السريع لمجابهتها.

 

حفظنا الله وحفظكم.

 

الدكتور محمد محمود ولد العالم - أخصائي في علم الأوبئة والبيوتكنولوجيا