على مدار الساعة

الأربعاء الأسود...

14 يوليو, 2023 - 01:31
د. محمد الأمين شريف أحمد

في الغالب يلتئم مجلس الوزراء كل أربعاء من كل أسبوع، وتشرئب الأعناق نحو نتائجه، لما تحمل من ترقيات لكبار الموظفين وصغارهم، وأحيانا في صفوف حملة الشهادات من خارج سلك الوظيفة العمومية.

 

غير أن هذا الأربعاء الموافق 12/07/2023، كان يوما مدمرا لآمال وأحلام الوطنيين وذوي الخبرة والكفاءة، كان يوم إقصاء كل الأجنحة في الحكم من أصحاب الثقة والأطر المقتنعة ببناء الدولة وفق رؤية رئيس الجمهورية... كان يوما سَيطر فيه جناح أطر العشرية على جل الوظائف السامية.

 

يوم الأربعاء هذا سَيُدوّنُ في تاريخ اجتماعات حكوماتنا بمداد غليظ أسود، لما جاء به من إعادة الثقة في وزراء وكبار العشرية بامتياز، على حساب الكفاءات الوطنية...!!

 

محل الاعتراض لا يتعلق بالتشكيك في انتماء هذه الثلة من قيادات العشرية  للوطن، ومن المعلوم أن الدستور والقوانين والأعراف، تكفل لهم حقهم كجميع الأطر الوطنية التعيين، وبخاصة إذا ما كانت الوزارات والمؤسسات العمومية التي أسندت لهم خلال حقبة العشرية، حققت نجاحات وساهمت في زيادة رفع مستوى المعيشة وتقليص البطالة وسهلت الولوج للخدمة العمومية، لكن إذا كانت السمة الأبرز لتركتهم الوظيفية ساهمت في تردي الأوضاع المعيشية وارتفاع نسب الفساد المالي والإداري في القطاعات التي أسندت لهم، ومع كل هذا يعاد تكريرهم وتدويرهم وتوزيرهم وتعينهم في أرفع الوظائف على حساب الكفاءات الوطنية ذات الخبرة  العالية والأخلاق..!! هذا غير مفهوم ولا مستساغ.

 

عموما، يبقى حدود إدراكنا قاصرا عن فهم سر بقاء قيادات العشرية في أعلا هرم الجهاز التنفيذي لنظامنا الحالي رغم ما سبق ذكره و رغم تضحياتهم الكبيرة في سبيل بقاء نظام العشرية، واحتكار الوظائف السامية في الدولة، على أنفسهم أو من أعلنوا الولاء التام لهم والبراء من كل ما سواهم و لو على حساب الوطن... إن هذا الأمر لجلل ومحير، وإن لم يتم تدارك الوضع وبعث الأمل في الكفاءات الوطنية وخلق بيئة، التنافس فيها على أساس الوطنية وخدمة الشعب، لا على أساس الوشاية وإيهام النظام أن الملأ يتآمرون، وأن الدولة في هذه المرحلة لا تسع إلا لمن له تجربة سابقة في نظام العشرية أو على الأقل في الأنظمة السابقة... خدعة أريدت بها السيطرة على مصادر الثروة ومراكز و القيادة في بلادنا.

 

أملنا في الله كبير، وثقتنا في رئيس الجمهورية راسخة رسوخ الجبال، ومؤمنون بأن حوله رجال همهم بناء دولة القانون والتنمية، وما هذا الأربعاء الأسود إلا جولة كسبت فيها ثلة قيادات العشرية وظائف سامية، ولكن الأيام حبلى، وسيعيد رئيس الجمهورية الأمل في قابل الأيام من خلال تعيين كفاءات وطنية تعيد التوازن على الأقل للمشهد السياسي، وتضخ دماء جديد في الجهاز التنفيذي تسهر على البناء ووقف نزيف هجرة الشباب والقوة الحية في المجتمع.

 

سيعيد رئيسنا السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بحول الله الثقة في نخبنا الوطنية المؤمنة بالوطن والساهرة على بنائه.