على مدار الساعة

تفاديا للتصعيد

19 سبتمبر, 2023 - 14:47
بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن

تابعت بالأمس بعض المعلومات الشحيحة عن الوضعية الصحية للنائب السجين محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل، كما تابعت بعض التعليقات على الموضوع، ورغم أني أعارض أسلوب النائب في نشره ضمنيا لفحوى الإساءة للجناب النبوي تحت قبة البرلمان وإقحام صاحب الفخامة غزواني ضمنيا، في سياق أسلوب من التحامل والتجريح، إلا أن سمعة الديمقراطية الموريتانية ينبغي صونها وخصوصا سمعة البرلماني الموريتاني.

 

فالحرية والحصانة البرلمانية لا ينبغي توظيفها سلبيا لحد الإساءة وعبثية حرية التعبير، وإن توجهنا للعقاب فلا ينبغي أن نبالغ فيه، عسى أن لا تتضرر سمعة ديمقراطيتنا وبرلماننا بوجه خاص.

 

وكان بين ذلك قواما.

 

بالنسبة لي، الذين يحتسبون المنبر البرلماني مجرد فرصة للإساءة والتجنى مخطئين، ومنع البرلماني من مهمته غير مقبول كذلك، سواءً كان مواليا أو معارضا.

 

وحالة النائب محمد بوي تستدعى التعقل، خصوصا من أجل تجاوز وعكته الصحية الطارئة، دون إثارة للرأي العام ودون إفراط أو تفريط.

 

إن حادثة البرلماني محمد بوي ينبغي أن تكون درسا للبرلمانيين ليستمروا في التعبير عن آراءهم وممارسة مهامهم الدستورية لكن بعيدا عن العبثية والاستهداف الجارح، ومن وجه آخر ليس من مصلحتنا إهانة سمعة نواب شعبنا ولا المبالغة في توريطهم وعقابهم حرفيا.

 

والتعايش بين السلط وخصوصا السلطة التنفيذية والتشريعية ربما يستدعى بعض التنازلات من أجل التعايش الإيجابي، بعيدا عن التجريح القاسي أو المبالغة في العقاب، ولو كان مستحقا، على رأي البعض، قانونيا أو سياسيا.

 

وأظن أن رسالة السلطة وصلت، فلا هي سامحة باستغلال البرلمان لأجواء الشحن والاستهداف، ومن وجه آخر ما دام الأمر وصل بالنائب لهذه الوضعية الصحية، فقد حان وقت حكمة صاحب الفخامة، محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني لحلحلة الأمور وتسوية الملف، محل المتابعة والجدل، تفاديا لمزيد من التصعيد.

 

إن المصلحة تستدعى الحنكة في التعبير الإيجابي، بعيدا عن التملق والتجريح، كما أن الناصح الأمين للسلطة القائمة بقيادة صاحب الفخامة محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، يحسن به النصح بعدم التصعيد في موضوع النائب محمد بوي، فلا أنا أقره شخصيا على أسلوبه ذاك والذي كان سببا في متابعته القضائية، ولكن سمعة البرلماني تتطلب التعقل في التعامل معه، وخصوصا واعتبارا لورطته الصحية الراهنة، شفاه الله وجميع مرضى المسلمين.

 

ولا أظن أن أحدا سواءً من أركان السلطة أو خارجها يريد الشر للنائب محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل، ولكن ما أقدم عليه لا يناسبه وليس أفضل طريقة لتأدية النائب البرلماني لمهمته، وما دام العقاب أيضا حصل، فليس من الحكمة، اجتماعيا ولا سياسيا، المبالغة في ذلك العقاب، وبوجه خاص مع برلماني مريض يناسبه وضع قانوني يسمح له بالعلاج والشفاء بإذن الله.

 

ولعل هذه القضية رغم مسؤولية قضائنا عنها بالدرجة الأولى، إلا أنها محل اهتمام من قبل الرأي العام، ومن قبل حمائم النظام وصقوره، وإن اتجه حمائم النظام لرفض أسلوب النائب محمد بوي التهجمي، إلا أنهم يحرصون على عدم المبالغة في العقاب إن لزم، بينما يتجه صقور النظام للشد مهما قل عددهم، وما بين دعوة الحمائم للحلحة وتوجه الصقور لتعميق منحى العقاب ينتظر الموقف الحاسم من الرئيس، الذي أظنه أقرب للحمائم بحكم طبيعته الشخصية وحلمه وخصوصا بعدما ما حصل من عقاب وتطورات صحية.

  •  

 

ونظرا لموقعي في هذا الوطن، ككاتب صحفي وتجربتي الطويلة مع الشأن العام، حرصت على التوجيه في أمر هذا الملف المثار، تفاديا لتعقيدات قد لا تمس ساحة الإعلام وحدها وإنما قد تضر نظام غزواني، وهو ما لا يخدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبحكم موالاتي لهذا النظام وخصوصا توجهاته الإيجابية، نبهت لتفادي عاقبة سلبية قد لا تضر الدولة والمجتمع وحدهما، وإنما قد تضر نظامنا السياسي، بقيادة صاحب الفخامة، محمد ولد الشيخ الغزواني.

 

لا لأسلوب محمد بوي التهجمي، ولا للتطرف في العقاب، حتى لا يقلل ذلك من مكانة نواب الشعب، والوسطية أولى.

 

ومن أراد خدمة الدولة والمجتمع ونظام الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، فليلزم الوسطية والحكمة والتروي، فلا لعبثية المداخلات ومجانية التهجم، ولا لتجاهل ضرورة الحلم وكتم الغيظ والبحث عن مخارج لائقة بالصالح العام والهدوء والسكينة العامة.

 

ونظرا لحكمة الرئيس غزواني فإني أتوقع التعامل الإيجابي مع النازلة، بإذن الله.