علمت مؤخرا بأن وزير التعليم العالي الناطق الرسمي باسم الحكومة، قد منع أصحاب بعض المواقع الصفراء من دخول المؤتمر الصحفي الأسبوعي للحكومة، بسبب علمه لطريقة عمل هؤلاء وتشويههم للعمل الصحفي.
إن هذه الخطوة التي قيم بها تعتبر بداية مهمة لتنقية الحقل الصحفي من الدخلاء، الذين أصبحوا يسيطرون على الإعلام الإلكتروني دون أن تكون لديهم أبسط أبجديات العمل في هذا المجال، ودون أن يكون لديهم اهتمام بأخلاق المهنة الصحفية، همهم الوحيد أن يغدو أحدهم صباحا خاوي الجيب، ويروح مساء ببعض المال، يكسبون المال من الابتزاز تارة ومن ترويج الشائعات للبعض تارة أخرى.
لقد بات من الضروري أن تتدخل الدولة لكي تساعد في إصلاح الصحافة، لأن هذه الحالة السيئة التي نعيشها الآن، ليست في مصلحة الدولة ولا المجتمع، لأنه بدون صحافة جادة مهنية لا يمكن أن نحصل على مجتمع واعي.
الخطوة التي قام بها الناطق الرسمي باسم الحكومة يجب أن تتبعها خطوات أخرى من طرف الوزارة الوصية على الإعلام ومن طرف الهابا التي من صميم عملها مراقبة عمل هذه المواقع.
الخطوات القادمة من المهم أن تكون جردا لعدد المواقع الموجودة في البلد، ومن ثم العمل على تقليصها وحجب تلك التي الصفراء منها التي تسيء للصحافة وللدولة والمجتمع.
عندما تكون لدينا صحافة جادة فقط، سنكون ربحنا قادة رأي عام حقيقيين، يقدمون للعامة خدمة إعلامية تصنع الفرق وتساعد على فهم صحيح للحالة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
كما أن الخطوة الأخرى يجب أن تكون تشجيع المواقع المحترمة التي تبذل جهدا كبيرا رغم الإمكانات لكي تقدم إنتاجا إعلاميا مهنيا ومحترما، وهذه المواقع معروفة وهي مؤسسات إعلامية بمعنى الكلمة، وليست حقائب يحملها البعض يتكسب منها ويجعل منها تجارة تدر الأرباح.
إننا في موريتانيا نمتلك حرية تعبير مهمة، وهذه الحرية يجب أن تعطى لمن يستحقها ويقدرها، لا من يستغلها أسوء استغلال ويجعلها مطية لخلق صحافة صفراء ضرها للجميع أكثر من نفعها.
وإذا تركت الدولة واقع الصحافة على هذه الحالة، فإنها ستدفع ثمن ذلك إما عاجلا أو آجلا، لأن صحافة تباع وتشترى بأبخس الأثمان، يمكن أن تستغل في كل شيء، دون أن تهتم بالنتائج الكارثية، يمكن أن تستغل في الترويج للإرهاب في خطاب الكراهية في زعزعة الأمن، لأنها ببساطة صحافة غير واعية ولا مهنية وهدفها أن تعيش مهما كلف الثمن.
لقد وصل العمل السيئ لهذه المواقع درجة من السوء لم تعد تطاق، وأصبح أصحابها يستقوون بمواقعهم فقط لأنها متقدمة في مؤشر المتابعين، وهذا المؤشر يعطي الفرصة لهؤلاء لشراء متابعين وهميين.
في عام ماضي أخذت بعض العناوين البارزة في مواقع مشهورة في البلد، وأعطيتها لنقيب الصحفيين التونسيين لكي يعطيني رأيه فيها، قال لي بصريح العبارة "عندما يقدم أصحاب هذه العناوين للعدالة لا يمكن أن أدافع عنهم".
فيما عجز صحفي آخر يمتلك خبرة عشرين سنة من العمل مع رويترز وإدارة مؤسسات عربية، أن يصف تلك العناوين واكتفى بالتحسر على واقع صحافتنا، التي تقدم لنا يوميا هذا الإنتاج الرديء.
ختاما أشد على يد الوزير سيدي ولد سالم، وأشجعه على قراره، وأرجو أن يوسع دائرة المواقع المحظورة من المؤتمر الصحفي، فلطالما استغل أصحاب المواقع الصفراء ذلك المؤتمر لتوصيل رسائل، وللترويج لأخرى مدفوعة الثمن، حتى أصبح المؤتمر مبتذلا وهجرته الصحافة الجادة.
لذلك سيكون منع أصحاب هذه المواقع من الحضور ومحاربتهم، فرصة لإعادة الاعتبار للصحافة المحترمة والجادة وطنية كانت أو دولية، وكذلك يساعد على الرفع من مستوى الأخبار المنشورة للجمهور المحلي والدولي، وهذا في صالح الدولة والمجتمع.