الأخبار (نواكشوط) – وصف وزير العدل السابق عابدين ولد الخير القوانين الموريتانية بأنها "تمتاز بالغموض وعدم الدقة، و في كثير من الأحيان بالتناقض بين النسخة العربية و ترجمتها إلى اللغة الفرنسية"، مؤكدا أن "دستور 1991 لا يشذ عن هذه القاعدة".
وذكر ولد الخير في مقال له تحت عنوان: "التعديلات الدستورية ومبررات اللجوء إلى المادة: 38 من الدستور" بـ"حادثة طريفة عشناها جميعا ولكن البعض قد يكون نسيها حدثت في المرحلة الانتقالية الأولى عندما أشرفت على نهايتها و بعد أن نشرت أغلب القوانين المبرمجة في المرحلة وعدلت بعض القوانين الموجودة آنذاك بما فيها دستور 1991، إذا بنا و نحن في نهاية المسلسل الانتخابي وبالذات في الانتخابات الرئاسية نختلف على مكانة البطاقات البيضاء في محضر التصويت فهل هي أصوات معبر عنها أم تعتبر أصواتا لاغية في سابقة للتأويل والتفسير كان الهدف من وراءها معروفا عند البعض ممن يدعي اليوم صفة الفقه في القانون الدستوري وقد يكون ممن صاغوا دستور 1991، والأمثلة في هذا الاتجاه كثيرة ولا أريد الاسترسال فيها".
وأكد ولد الخير أن "دستور يوليو 1991 دستور يميل إلى تقوية سلطات رئيس الجمهورية"، مستعرضا المواد "(رئيس الجمهورية هو الضامن وهو الحكم...) المادة: 24، (وهو رئيس مجلس الوزراء...) المادة: 25، (وهو المحدد للسياسة الخارجية والأمنية والدفاعية...) المادة: 30 ( وهو يحل الجمعية الوطنية...) المادة: 31، (وهو الضامن لاستقلالية القضاء...) المادة: 99".
وتحدث ولد الخير عن وجود ثغرة في الدستور الموريتاني، مشيرا إلى أن "نظرة فاحصة لمقتضيات الفقرة: 2 من المادة: 99 التي تنص على أنه (لا يناقش أي مشروع مراجعة مقدم من طرف البرلمانيين إلا إذا وقعه على الأقل ثلث 3\1 أعضاء إحدى الغرفتين...)، والفقرة 3 من المادة: 99 التي تنص على أنه (لا يصادق على مشروع مراجعة إلا إذا صوت عليه ثلثا أعضاء الجمعية الوطنية وثلثا أعضاء مجلس الشيوخ...) تكشف عن مدى الغموض وعدم الدقة في صياغة النصين".
وأضاف "سكت النص الثاني عن مصير مشروع القانون غير الحاصل على الثلثين كما في الحالة التي نحن بصدد معالجتها، ولم يحل إلى مقتضيات المادة: 66 وسكت عن الحل عندما يتعلق الأمر بإلغاء إحدى الغرفتين كما في الحالة التي بين أيدينا وهو نقص لا ينبغي السكوت عليه وثغرة قانونية يجب سدها، كما بدا وكأن صياغتهما إنما تشترط الثلثين عندما يكون الاقتراح المقدم يتعلق بالاقتراح المقدم من طرف البرلمانيين و التفسير الذي يتمسك به البعض في القول بإسقاط هذه التعديلات بمجرد عدم التصويت عليها من طرف إحدى الغرف على الرغم من أنها معنية بنتائجها يذهب في خلق نوع من المساواة بين سلطتين غير متساويتين في الصلاحيات ويخالف المنطق الذي ينبغي الاستئناس به والذي يقوم على تقوية جانب السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية وليس العكس".
وأردف أن "التفسير القانوني لا ينبغي أن يقف عند هذا التأويل بل يجب البحث عن سداد هذه الثغرة تحقيقا للمصلحة العامة، ولن يكون ذلك إلا بالاحتكام إلى السلطات المخولة لرئيس الجمهورية بنص المادة: 24 من الدستور التي تنص على (أن رئيس الجمهورية هو حامي الدستور... ويضمن بوصفه حكما السير المنتظم للسلطات العمومية...)".
وتساءل: "أليس في امتناع الشيوخ عن إجازة التعديلات الدستورية، وإجازتها من طرف النواب تعطيلا للسير المضطرد لهاتين الغرفتين (الشيوخ ونواب)؟، والتفافا على إجماع 90 في المائة من الموريتانيين أو من المهتمين بشؤون السياسة إذا كان يكفي لإسقاط توصياتهم اعتراض إحدى الغرفتين رغم أنها معنية بهذا التعديل، ألا يتطلب هذا التصرف تدخل رئيس الجمهورية بوصفه حكما لاستمرارية عمل الغرفتين؟، أليس في تعطيل هاتين الغرفتين تعطيلا لسير السلطات العمومية بصورة حقيقية، فأي مشروع قانون يمكن تمريره في ظل التناقض الحاصل بين الغرفتين وعدم الانسجام بينهما؟".