"لا عـذر لأحـد فـي جهـل القـانـون" مبدأ قانوني مشترك بين الأمم المتمدنة حجزت له موريتانيا المادة 17 من دستورها حثا للمجتمع بأن يلم بالقـواعـد الملزمة.. وعلى الرغـم من ذلك التأكيد لا تزال الإحاطة بالقانون الوطني محدودة في بلادنا ومن أسباب جهل القواعد أن مسطرة نشرها مختلة اختلالا يسأل عـنـه الوزير الأول الذي يوجب عليه القانون اتخاذ إجراءات ناجعة لتعميم القوانين والنظم.. وتفصيلا للموضوع أتناوله من خلال المحاور التالية: جهل القانون في موريتانيا (1)، مكمن الخلل في نشر القوانين والنظم (2)، نواقص الجريدة الرسمية (3)، تأخير نشر القوانين (4) وأخيرا أخلص للتوصيات (5).
1. جهل القانون في موريتانيا
منذ سنوات صرح رئيس جمهورية سابق، إبان توليه الحكم، لبعض القضاة، بأن النظام القضائي يبدو له متاهة لا يعـرف كيف يهتدي فيها وفي نفس السياق يخيل للكثير من المواطنين أن كل عاصمة ولاية تضم محكمة واحدة تفصل جميع النزاعات دون أن يدرك أن هيئات الحكم متعددة وممتدة أفقيا وعموديا حيث يحدد القانون لكل واحدة منها اختصاصا يفرض عليها التقيد به ويلزم العموم بأن يعرفه كي يحترمه. ومن الوارد أن نلاحظ أن ما أقر به الرئيس الصادق من قصور لا يقتصر على شخصه وإنما يمتد ليشمل جل الرؤساء والوزراء وغيرهم من كبار المسؤولين وحتى العوام. وإسهاما في التغلب على النقص نشرت منذ سنوات مقالا تحت عنوان: "نشر الثقافة القانونية في موريتانيا" اقترحت فيه تبني برنامج وطني يقوم على استخدام قاعات الجلسات بقصور العدل وتوظيف المحامين لتقـديم محاضرات تهدف لمحو الأمية القضائية واقترحت أن يبدأ برنامج "نثق في موريتانيا" بدفعة تضم الرئيس والوزراء وأن يستمر التفويج نزولا مع السلم الوظيفي حتى يتأتى نشر قيم المعرفة وترسيخ احترام القانون بالموازاة مع تعميم الثقافة القانونية على أكبر عدد ممكن من المواطنين.
2. خلل نشر القوانين والنظم
تفـرض متطـلبات تنظيم الجماعة والتوسع في تنميتها على السلطات أن تستمر في إنتاج وإصدار النصوص التي تحكم الدولة ونتيجة لهذا التدفق تراكمت في موريتانيا ترسانة تشريعية كبيرة من القوانين (التي صوتت عليها السلطة التشريعية المختصة) والأوامر القانونية (الصادرة عن الكيانات العسكرية المتغلبة أو عن السلطة التنفيذية بناء على قوانين تأهيلية) وامتد التشريع الفرعي الذي يشمل المراسيم والمقررات والقرارات والتعميمات بوتيرة أسرع من وتيرة تدفق قواعد القانون بمعناه الضيق.. ونظرا لإخفاق نظام نشر وتعميم القانون بات الكثير من النصوص والنظم مجهولا وغير مفـعـل. وعلة ذلك أن عدم احترام كبار المسؤولين للقواعد القانونية السامية يؤدي لعدم اكتراث الذين دونهم بالقواعد الدنيا عملا بقاعدة تقليد الصغير للكبير "الشاف اصغير عند لكبير" كما نقول في العامية.
ينص دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية في مادته 70 على أن من واجب رئيس الجمهورية أن يصدر مشاريع القوانين التي صادقت عليها الجمعية الوطنية (أي يحليها بتوقيعه على وجه التصديق) في أجل زمني أقله ثمانية أيام وأكثره ثلاثون يوما ويبدأ هذا الأمد من تاريخ إحالة النصوص للرئاسة من طرف البرلمان. ونظرا لعـدم توفر معلومات كافية عـن إحالات الجمعية الوطنية لرئاسة الجمهورية وتواريخها فمن المتعـذر قياس مدى احترام رئيس الجمهورية لآجال الإصدار.
وفيما يخص النشر تنص المادة 43 من الدستور على سهر الحكومة على نشر القوانين والنظم لذلك واعتبارا لكون التشريعات لا تعد نافذة قبل نشرها في الجريدة الرسمية وفي غياب نص متعلق بآجال النشر فإن المنطق يقضي بوجوب نشر النصوص التي تصدر عن رئيس الجمهورية خلال النصف الأول من كل شهر، في عدد الجريدة الرسمية الذي يصدر منتصف الشهر وأن تنشر القوانين الصادرة خلال النصف الثاني في العدد الذي يصدر نهاية الشهر. وليس من المقبول، في الظروف العادية، أن يتخلف نشر القوانين عن عددين متتاليين من الجريدة الرسمية بحيث تزيد المدة الفاصلة بين إصدار قانون ما ونشره على ثلاثين يوما لما في ذلك من إهمال وتعطيل للنصوص. فكيف يحد الدستور لرئيس الجمهورية المنتخب أجلا أقصاه ثلاثون يوما لإصدار القانون وعندما يقوم بذلك يسمح للوزير الأول المعين بالتراخي في نشره أمدا أطول من ذلك؟
وبالرجوع لمحتويات الجريدة الرسمية التي بدأت في الصدور قبل الاستقلال، حيث صدر عددها الأول يوم 3 يونيو 1959 (في ظل الاستقلال الداخلي) واستقراء محتوياتها، يتبين أنه ورغم محدودية الوسائل فإن مسطرة النشر كانت أكثر انتظاما في ظل السلطات المدنية التي حكمت البلاد من الاستقلال وحتى العاشر يوليو 1978، تاريخ استيلاء الجيش على السلطة بانقلاب عسكري. فقد دأبت اللجان العسكرية للإنقاذ والخلاص، التي تعاقبت على الحكم، على فرض سلطتها بالقوة وتمرير أحكامها في شكل أوامر قانونية تنشر غالبا وفق مسطرة الاستعجال وفي وسائل الإعلام العمومية وعندما تنشر في الجريدة الرسمية تكون قد انطبقت بالفعـل و"بأثر رجعي". وبعد صدور دستور 20 يوليو 1991 بدأت مرحلة مخضرمة لم يتم خلالها الرجوع للجادة المدنية تماما لأن السلطة ظلت في دائرة الضباط (Cercle des Officiers) الذين ينتمي إليهم الرئيس حتى وإن انتخب وخلع البذلة العسكرية. وإثر انقلاب 3 أغسطس 2005 أطاح الضباط مجددا ب "العقيد المنتخب" وأمسك بالسلطة كيان عسكري تسمى بالمجلس العسكري للعدالة والديمقراطية واستعان بكفاءات مدنية مختارة وباشر إصلاحات تشريعية هامة والتزم بتنظيم انتخابات نزيهة اشترط أن لا يترشح لها أعضاؤه ولا المنتمون لحكومته وبعـد تردد رئيسه - كما عكسه خطاب البطاقة البيضاء الشهير - وفى بعهده بعـد أقل من سنتين، ونظم انتخابات تسلم السلطة، بناء على نتائجها، رئيس مدني يبدو أنه كان على صلة خاصة ببعض الضباط الذين لم يستسيغوا ممارسته لصلاحياته الدستورية كاملة فأطاحوا به، بعـد أن أصدر مرسوما بعـزلهم وبهذا انتهت فترة الحكم المدنية الثانية في موريتانيا التي لم تدم أكثر من خمسة عشر شهرا ونصف (من 19 ابريل 2007 وحتى 6 أغسطس 2008).. بعدها استلم الحكم كيان عسكري ملتبس وغير واضح المعالم كما تعـكسه تسميته التي توحي بأنه خلق مدني خالص: "المجلس الأعلى للدولة" وتمكن بعد شد وجذب مع القوى المدنية من تنظيم انتخابات أوصلت الجنرال الأول، الذي كان يرأس المجلس، إلى السلطة ومع انقضاء الفترتين المقبولتين لحكمه، بحكم الدستور واليمين، وجد نفسه مضطرا لتنظيم انتخابات مكنته من استخلاف رئيس جمهورية جديد وثيق الصلة به وينتمي لنفس الدائرة.
ويلاحظ أنه خلال الستين سنة التي عاشتها الدولة الموريتانية المستقلة لم يدم الحكم المدني إلا ثلث الفترة أما بحساب عدد الرؤساء فإن المدنيين منهم لا يعدون اثنين، رحمهما الله، من أصل عشرة (10/2) وهو معدل مدني ضعيف يتعين العمل على تحسينه لأن ممارسة الحكم عمل مدني بالطبيعة والضباط غير مؤهلين للقيام به كما ورد تعليله في مقال: "تسوية الإرث العـسكري".
ومع أن الرؤساء العسكريين يتفاوتون في احترام القانون ولكل منهم عقلية ومنهج فإن من أسباب نجاحهم الاستعانة بالخبرات المدنية وبالمقابل، تفشل مهامهم ويظهر عوار تصرفاتهم عندما يعتادون تعيين أشخاص غير مختصين في مناصب تتطلب كفاءة وخبرة متخصصة وإذا كان انتداب شخص غير مختص مقبولا بناء على أسباب خاصة فيتعين أن يظل ذلك التصرف استثناء لا يتوسع فيه لما يترتب عليه من فساد لا يتأتى معه التقدم للماشي فكيف بمن يراوده الإقلاع!؟ ويكثر اليوم الحديث عن غياب معايير محددة للتعيين في مناصب الدولة السامية كما يعكسه تكرار تبادل المسؤولين على مناصب متباينة المتطلبات وبدلا من تحري الكفاءة التي تخول خدمة الدولة على أحسن وجه يتم الاختيار غالبا على سبيل المكافأة وبناء على أسباب سياسية.
3. نواقص الجريدة الرسمية
مع مرور الزمن تتراكم التشريعات والنظم وفي غياب مناهج ناجعة للنشر والتعميم يطوي النسيان الكثير منها ويطمر في مجلدات الجريدة الرسمية التي صدر منها حتى الآن (دجنبر 2020) ألف وأربعمائة وستة وستون عددا (1466) - دون احتساب الأعداد المكررة التي تعد بالعشرات – ونتيجة لذلك يجد المهتمون صعوبات في الولوج لمحتوياتها. حتى الخبراء قد لا يهتدون على بعض نصوص القانون وربما حسب بعض القضاة نصا ما نافذا وطبقه دون الانتباه إلى أنه ألغي أو عدل بنص نشر في عدد لاحق من الجريدة الرسمية التي تقاعدت بفعل العزوف عن قراءة الجرائد الورقية.
ومن الغـريب أنه على الرغم من تطور وسائل الاتصال وطفرة المواقع الإلكترونية التي همشت الجرائد الورقية واكتسحت المراسلات وأصبح من المتاح للشخص الواحد أن يصمم ويدير موقعه الخاص فإن الجريدة الرسمية للجمهورية الإسلامية الموريتانية لا تتوفر، حتى الساعة، على موقع إلكتروني يتيح تحميل أعدادها وسعيا لسد الفراغ قامت الهيئة الوطنية للمحامين برقمنة أغلب أعداد الجريدة الرسمية ونشرها على موقع الهيئة ona.mr
وحتى مع توفر الجريدة الرسمية وتيسر تصفح وتحميل أعدادها يظل من المتعذر على القانوني الموريتاني أن يقف على نص متعلق بموضوع ما، ما لم يكن يعرف رقمه وتاريخه أو عدد الجريدة الرسمية الذي نشر فيه ومن الوارد أن يقف على نص يحسبه نافذا دون أن يعلم بتعديله أو إلغائه بنص لاحق. فمع كثرة المشاغل وتشعب القانون أصبح من المتعذر على القانونيين غير المختصين الإحاطة بالنصوص. وعلى الرغم من انتشار التخصص في ميادين المعرفة لا يزال جل القانونيين الموريتانيين عاما لا اختصاص له في البيئة والطب والبيئة والصيد وغيرها من الميادين التي تتطلع لقانونيين متخصصين.
ومن المآخذ على الجريدة الرسمية أنها لا تتقيد بنظام نشر محدد سلفا فمن المألوف أن تنشر نصوصا متأخرة قبل نصوص سابقة عليها مما يربك الباحثين.
4. تـأخـر نـشـر القـوانـيـن
من الملاحظ أن الفترة الزمنية الفاصلة بين إصدار القانون الموريتاني ونشره مطاطة تطول وتقصر وأن لكل قانون مساره الخاص فقد ينشر في اليوم الموالي لصدوره وقد لا يجد سبيله للنشر في الجريدة الرسمية إلا بعـد التربص شهورا عديدة.
ومن الوارد التحقيق في مزاعم أن بعض النصوص التي تنفذها السلطات لم تنشر قط في الجريدة الرسمية لتلافي الخلل إن كان كما يجب التأكد المسبق من نشر نصوص القانون في الجريدة الرسمية والاحتراز من صور PDF الرقمية المتداولة فحتى وإن حملت تأشيرة التشريع فمن الوارد أن لا تكون نشرت ومن غير المستحيل أن يتلاعب بها.
ومن أمثلة القوانين التي نشرت في اليوم الموالي لصدورها القانون رقم 2019-018 المتضمن للمدونة العامة للضرائب والقانون رقم 2019-019 المتضمن لمدونة التحكيم اللذين صدرا يوم 29 ابريل 2019 ونشرا في عدد الجريدة الرسمية رقم 1436 بتاريخ 30 إبريل 2019.
بينما تنتظر النصوص في الغالب فترات متفاوتة قبل أن تجد سبيل النشر، وآمل أن أكون قد وفقت في عبارة التربص التي استخدمت للتعبير عن هذه الفترة البرزخية التي تقضيها النصوص بعد إصدارها قبل أن تجد سبيل النشر. ومثالا على الفارق الزمني بين الإصدار والنشر أقدم بعـض المدونات مشفوعة بتواريخ نشرها:
- صدر القانون الإطار رقم 2000-45 المتضمن قانون البيئة بتاريخ 26 يوليو 2000 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 985 بتاريخ 30 أكتوبر 2000 أي بعـد فترة تربص طالت أكثر من ثلاثة أشهر.
- صدر القانون رقم 2008-011 المتضمن مدونة المعادن بتاريخ 27 ابريل 2008 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 1174 بتاريخ 30 أغسطس 2008 أي بعـد فترة تربص دامت أكثر من أربعة أشهر.
- صدر القانون رقم 2010-033 المتضمن مدونة المحروقات الخام بتاريخ 20 يوليو 2010 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 1226 بتاريخ 30 أكتوبر 2010 أي بعد فترة تربص دامت ثلاثة أشهر وثلث الشهر.
- صدر القانون رقم 2012-052 المتضمن مدونة الاستثمار بتاريخ 31 يوليو 2012 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 1269 بتاريخ 15 أغسطس 2012 أي بعد فترة تربص نظامية لم تتجاوز خمسة عشر يوما.
- صدر القانون رقم 2013-029 المتضمن قانون المدونة التجارية بتاريخ 30 يوليو 2013 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 1297 بتاريخ 15 أكتوبر 2013 أي بعد فترة تربص دامت شهرين ونصف.
- صدر القانون رقم 2015-017 المتضمن مدونة الصيد البحري بتاريخ 29 يونيو 2015 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 1341 بتاريخ 15 أغسطس 2015 أي بعد فترة تربص دامت شهرا ونصف.
- صدر القانون رقم 2017-035 المتضمن مدونة الجمارك بتاريخ 21 دجنبر 2017 ونشر في عدد الجريدة الرسمية رقم 1403 بتاريخ 30 دجنبر 2017، أي بعد فترة تربص نظامية لم تطل أكثر من ثمانية أيام.
ومن الجدير بالذكر أن النصوص أعلاه ذكرت على سبيل المثال لا الحصر وأنني تعمدت أن أضمنها بعض أرقام القانون لإنارة وتثقيف من يهمه الأمر وتوخيت تجنب الانتقائية بأن تكون عاكسة للواقع كما هو ولذلك ضمنتها قوانين نشرت سريعا جدا وأخرى نشرت في آجال مقبولة بينما يلاحظ تخلف أغلبها أكثر من اللازم.
5. الـتـوصـيـات الختامية
يلعب التشريع دورا محوريا في الدولة فهو قوام سيادتها ومحقق مصالحها وبمدى احترامه يقاس تقدمها وتتحدد مكانتها بين الدول ولذلك فمن واجب السلطات أن توليه العناية اللازمة وأن تخصص له الموارد البشرية والمادية الكفيلة بإعداد مشاريعه وصياغتها على الوجه الأكمل وتكملة لنواقص التشريع الوطني المضمنة في كتاب: "مباحث في سبيل العـدل" ينبغي أن تحظى مسطرة إصدار القوانين والنظم بلفتة خاصة تمكن من انتشالها من غرف المهملات وأن تسهر الحكومة على نشرها وتعميمها عملا بالمادة 43 من الدستور. ويتعين على الوزير الأول أن يشرف بنفسه على تذليل الصعوبات وأن يصدر تعليماته للمصالح الحكومية باستنفار إمكاناتها المادية والبشرية لنشر القوانين والنظم على الوجه الأكمل مما يتطلب إمداد الجريدة الرسمية بوسائل تقنية متطورة. وعند اكتمال البنية التحتية للنشر وبعد جبر الفوائت يتعين التفكير في إستراتيجية وطنية لتطوير الوعي القانوني.
ولعـل أنجع الخطوات وأكثر المتطلبات إلحاحا هو بناء موقع إلكتروني رسمي تنشر عليه كل أعـداد الجريدة الرسمية قبل أن توضع فهارس ترتب النصوص ترتيبا أبجديا وموضوعيا يسهل الوصول إليها وبالموازاة مع تلك الجهود المركزية ينبغي على كل قطاع أن يقوم بجمع ونشر القوانين والنظم ذات الصلة بقطاعه وتوفيرها لمن يهمه الأمر.
وكما يتطلب التنقل في المدن الكبرى اصطحاب خريطة أو جهاز تحديد الأماكن بواسطة الأقمار الصناعية GPS لا يستغني المتعامل والمستثمر الأجنبي والوطني عن دليل يرشده ويساعده على الاهتداء في دهاليز التشريعات وطوابقها. وبناء عليه يتعين على كل قطاع أن يكون قانونيين مختصين في ميدان عمله ويتاح لذوي الهمم من القانونيين التخصص في مجالات معينة بجمع واستيعاب النصوص المتعلقة بها.
ونظرا لتراكم النواقص وللبطء الذي يطبع أداء الموظفين العموميين يمكن إطلاق مشروع وطني، على غرار المشاريع الوطنية المتعددة، يكتتب خبراء مستقلين ويستفيد من المساعدة الفنية للشركاء وينكب خبراؤه على الأرشيف الرسمي لاستخراج نصوص القانون التي لا يجوز أن يطويها النسيان ولا أن تتوارى بفعل الإهمال.
وجملة القول أن من واجب السلطات أن تنشر القوانين والنظم قياما بواجبها الدستوري وأن تعمل على تعميمها إعذارا للمواطنين وغيرهم فكما يجب على القاضي إعذار الخصوم قبل الحكم يجب قبل إنذار المواطنين وإرغامهم على احترام النصوص إعذارهم بتيسيرها لهم فليس من الإنصاف أن نطلب ممن يجهل القانون أن يحترمه.