نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريلا مطولا، تتبعت فيه أثر خطوات المهاجرين الموريتانيين إلى الولايات المتحدة، كما أجرت مقابلات مع بعضهم، تحدثوا فيها عن مسار الرحلة والصعوبات والتحديات التي واجهوها على الطريق، بالإضافة إلى دور المُهرّب "بيدرو" الذي وصفوه بالهام في هذه المهمة.
أشارت الصحيفة إلى أن محمد - وهو أحد هؤلاء الشباب الموريتانيين الذين وصلوا نيويورك - لم يكن مهتما بنهاية المطاف، ولا بالصعوبات التي يمكن أن تواجهه، وكلما كان يهمه هو أن يدخل إلى الولايات المتحدة وخاصة مدينة نيويورك التي قالت الصحيفة إنه يعرف عنها الكثير أو يبدو أنه جمع عنها ما يكفي من المعلومات، وقد أعطاه زميله في الرحلة عنوانا والذي يُعتقد أنه يمكن أن يجنب المهاجرين أشهرا من الاعتقال من طرف سلطات الهجرة الأمريكية.
قابلت التايمز أيضا أربعة موريتانيين في بوفالو ومانهاتن بولاية نيويورك حيث أجرت المقابلات في بوفالو بالاستعانة بمترجم عربي؛ بينما أجرتها في مانهاتن بالفرنسية، ووصفت الصحيفة هذه المجموعة بأن أفرادها لم يعرفوا بعضهم البعض قبل مغادرتهم بلدهم الغرب إفريقي والذي يعتبر آخر بلد يُجرم العبودية في العالم وذلك في عام 1981، وأن أحدهم هاجر عن وطنه لأسباب سياسية، بينما هاجر آخرون هربا من الفقر والعنف حسب الصحيفة. وذكرت الصحيفة أن مسار رحلة الموريتانيين متشابه، كما أن غالبيهم يوجدون غالبا في نفس الملاجئ.
وتضيف الصحيفة "لقد حجزوا جميعا على نفس الخطوط، ونفس مسار الرحلات تقريبا، والتي تبدأ برحلة إلى تركيا ثم محطات على الطريق وتنتهي في نيكاراغوا، التي قالت عنها الصحيفة أنها تعتمد سياسة منح تأشيرات فضفاضة وغير مكلفة للموريتانيين ومواطني بعض البلدان الأخرى، مما يسمح لهم بالوصول إلى أمريكا الشمالية حتى دون استخدام المهربين وتجنب المشقة التي تبدأ بمجرد انتهاء السفر الجوي وبدء المرحلة على الأرض.
وعند الوصول إلى مطار ماناغوا، عاصمة نيكاراغوا، فإن أول ما يفكرون بالقيام به هو أن يطلبوا لقاء رجل كان قد ظهر في فيديو على تيك توك وهو يشكر الموريتانيين الذين يأتون إلى الولايات المتحدة على ثقتهم به، وهو الرجل الذي لم يعرفوا عنه سوى اسمه الأول "بيدرو" لكنهم حفظوا وجهه تماما.
"هل تبحث عن بيدرو؟ "سئل محمد بعد خروجه من المطار.
قال نعم، معتمدا على العدد القليل من كلمات الإنجليزية التي يعرفها.
بعدها تقول الصحيفة، يأخذهم بيدرو إلى هندوراس، حيث يوجد مهربون نافذون أيضا ثم بعدها غواتيمالا، لكن الجزء الأصعب والأغلى في الرحلة هو المكسيك، حيث كان العنف وابتزاز الشرطة والتهديد بالترحيل يلوح في الأفق دائما.
لقد عبر الموريتانيون الذين التقت بهم الصحيفة الحدود في النهاية عن طريق لوكفيل أريزونا، ثم سافروا بعدها إلى نيويورك بعد احتجازهم لفترة وجيزة في توكسون، لقد أنفقوا ما بين 10000 و15000 دولار على الرحلة بأكملها، بما في ذلك الرحلات الجوية والتهريب والرشاوى، وهي المبالغ التي جمعوها من عائدات البيع السريع للسيارات والأراضي، وفي إحدى الحالات تضيف الصحيفة أن أحد المهاجرين باع 4 جمال سرقها من والده.
من جهته، قال عثمان الذي عرّف عن نفسه للصحيفة، بأنه ينتمي لحزب معارض في موريتانيا، مضيفا أنه تعرض للضرب والتعذيب من قبل الشرطة، ويخشى أن يسجن إن عاد إلى بلاده، ويقيم الآن في ملجأ بولاية نيويورك، وهو نفس الأمر بالنسبة لزميله هاميدو، والذي قدِم من نيكاراغوا أيضا لكن الملفت في قصة هذا الأخير تقول الصحيفة أنه قام بكتابة عنوانه على قطعة تكاد تكون شفافة من الورق ثم قام بطيّها بعناية ثم لفها ثم وضعها كحشو داخل خاتم لديه، لقد كان خائفا من أن يتم سلبه هذا العنوان في رحلته المحفوفة بالمخاطر والتي يُعتبر العنوان فيها كطوق نجاة وعامل مهم في كتابة نهاية سعيدة لهذه الرحلة الشاقة.
وأشارت الصحيفة نقلا عن مسؤولي مدينة نيويورك إلى أن أكثر من 130.000 من المهاجرين قد تدفقوا إلى ملاجئ المدينة، وذلك منذ ربيع (مارس، إبريل، مايو) من عام 2022، بمعدل حوالي 600 وافد كل يوم، الأمر الذي وضع قدرة المدينة على الاستيعاب والرعاية أمام تحد كبير.