من عضو مؤسس إلى البحث عن عضوية، هكذا تأرجح مسار علاقة موريتانيا بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فبعد أن كانت أحد أعضائها المؤسسين في العام 1975، بعد عقد ونصف من استقلالها عن المستعمر الفرنسي، ها هي اليوم تطرق باب المجموعة بحثا عن العودة، بعد انسحابها منها عام 2000.
17 عاما بعد الانسحاب، تعود موريتانيا محاولة الدخول عبر البوابة الخلفية للمجموعة، من خلال طلب شراكة اقتصادية تسمح للبضائع والأشخاص بحرية التنقل، والعبور نحو سوق غرب إفريقيا.
ففي العلن لا تريد موريتانيا ـ التي كانت الدولة العربية الوحيدة بالمجموعة ـ سوى شراكة اقتصادية، لكن قادة الدول الأعضاء في المجموعة، والبالغ عددها 15 دولة، فهموا خلال قمة مونروفيا الأخيرة، أن نواكشوط تطلب العودة على استحياء، فدعوها إلى التقدم بطلب العودة، لتكون عضوا بالمجموعة التي كانت أحد مؤسسيها.
وقد وقعت موريتانيا على هامش المنتدى الأمريكي الإفريقي حول "النمو وفرص التنمية في إفريقيا"، الذي انعقد مؤخرا بالعاصمة التوغولية لومي، اتفاق شراكة اقتصادية مع المجموعة، مكتفية بذلك، دون الحديث عن ملف الانضمام من جديد، بعد غياب دام أزيد من عقد ونصف.
وتعتبر الشراكة الاقتصادية أحد أبرز الأهداف التي من أجلها تأسست "السيدياو"، فهي ترمي إلى خلق تكامل اقتصادي بين الدول الأعضاء فيها، من خلال تعزيز التبادل التجاري بين الدول.
فسكان دول المجموعة الذين يربو أو يناهز تعدادهم السكاني 350 مليون نسمة، أي أزيد من ربع سكان القارة الإفريقية، يواجهون ذات التحديات الاقتصادية المشتركة، مع بعض التفاوت الطفيف.
وقد تأسست المجوعة ـ التي يعتبر الرئيسان الأسبقان النيجيري يعقوب كون، والتوغولي نياسينغبي آياديما، رائديها الرئيسيين ـ بدافع رفع التحدي الاقتصادي الخانق الذي يواجه البلدان الأعضاء فيها، وبالتوازي معه السعي إلى تعزيز الاندماج الصناعي والمالي بين الدول.
ورغم أن المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تأسست لدوافع اقتصادية بالدرجة الأولى، إلا أن القضايا السياسية والأمنية التي شهدتها، وتشهدها بعض الدول الأعضاء فيها من حين لآخر فرضت نفسها على المنظمة، فوقعت ابروتوكولا عام 1978 حول الدفاع المشترك.
وبعدها بإحدى عشرة سنة وقعت المجموعة ابروتوكولا آخر يقضي بنشر قوة للتدخل في وقت الأزمات، تعرف ب"الإكوموك".
وهو البروتوكول ربما الذي بموجبه نشرت المجموعة قوة عسكرية تابعة لها في غامبيا، إثر الأزمة التي شهدتها، بعدما تراجع الرئيس السابق يحيى جامي عن الاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية التي أعلنت فوز مرشح المعارضة الموحد آدما بارو، فلوحت المجموعة بالإطاحة بجامي بالقوة، وهو ما رفضته موريتانيا التي خاضت إلى جانب إلى غينيا كوناكري وساطة اللحظة الأخيرة، فقبل جامي التنحي عن السلطة، واختار المنفى بغينيا الاستوائية، ونشرت "السيدياو" قوة لها ببانجول تحسبا لأي طارئ.
وإذا كان البعد الجغرافي، وتشابه الأنظمة السياسية، والمقدرات الاقتصادية، والتجانس الثقافي، تعتبر جميعها مقومات قد تحفز على تحقيق التكامل الاقتصادي والتنموي بين بلدان المجموعة، فإن عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي تشهده بعض الدول الأعضاء في المجموعة، إضافة إلى غياب رؤى واسترايتيجيات بعيدة المدى فيما يتعلق بالتعاون البيني، تعتبر معوقات أمام تحقيق الأهداف.
ويلاحظ في الآونة الأخيرة تزايد الاهتمام المغاربي بالمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، فخلال القمة 51 للمجموعة التي انعقدت بالعاصمة الليبيرية مونروفيا، وانتقلت فيها رئاستها من رئيسة ليبيريا إيلين جونسون إلى الرئيس التوغولي افور نياسينغبي، تقدمت ثلاث من دول اتحاد المغرب العربي بطلبات للمجموعة، فطلبت تونس العضوية كمراقب، وطلبت المغرب الحصول على عضوية المجموعة، وتقدمت موريتانيا بطلب الشراكة.
وقد كان تركيز الجهود على اتحاد المغرب العربي السبب الأبرز المعلن لموريتانيا في قرارها الانسحاب من عضوية المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عام 2000.
وهي بشراكتها الأخيرة تكون قد عادت للمجموعة من بوابة أخرى غير التي دخلت منها عام 1975، وغير التي خرجت منها في العام 2000.