على مدار الساعة

المؤسسات التربوية أولى بجوائز التميز

30 نوفمبر, 2024 - 15:28
أحمد يعقوب أحمد بزيد – أستاذ جامعي

من أحسن الحسنات أن ينص في ميزانية الدولة المعدلة 2024، على تخصيص جوائز للتميز في مجال التعليم، وأن تبدأ وزارة التربية في البحث عن آليات وإجراءات اختيار المتميزين وتوزيعهم أفقيا على ولايات الوطن وعموديا على مختلف قطاعات التعليم، ولكن سيكون من الصعوبة بمكان بناء الثقة في هذه الجوائز حتى تنال ثقة ورضى العاملين في القطاع، وأن تكون - كما أريد لها أن تكون - أداة تطوير وتشجيع للتعليم وأهله، لا مثار جدل واحتجاج يضاف للجدليات التي لا تنتهي في مجال التربية والتعليم.

 

وأخوف ما أخافه أن يتحول تكريم نحو ألف وأربعمائة متميز في المجال التعليمي إلى سخط نحو أربعة عشر ألف أستاذ ومعلم قد يشعرون أو يشعر بعضهم بالغبن في تصميم معايير الانتقاء أو تطبيقها، وبذلك تتحول الجائزة من أداة تشجيع للمتميزين وتحفير لغيرهم، إلى وسيلة من وسائل التمييز والشعور بالحيف الذي لا ينتهي، إن لم تصمم معايير الجوائز بدقة وتطبق بعدالة. ولا فرق إن كان ذلك الشعور والتعبير عنه حق أو باطل أو مجرد إحساس طبيعي بالخسارة يجده أي متسابق في أي مباراة، فكل ذلك يشوش على مقاصد الجوائز وأهدافها النبيلة.

 

وإذا كان رضى الناس غاية لا تدرك، فإن رضى المؤسسات بالمعايير الدقيقة والمؤشرات الواضحة سهل المنال، وربما يكون في رضاها رضى الجميع، فبرضاها نقترب من الغايات الكبرى في التعليم، ونحقق كثيرا من الأهداف المرسومة للقطاع، وينال العاملون في القطاع قدرا ما يرمون إليه دون شعور بأي خسارة أو حرمان شخصي.

 

وبدل تشتيت نحو ربع مليار مخصص لجوائز التميز في المجال التعليمي على 1362 فإن من الأعدل والأصلح أن تخصص هذه الجوائز للمؤسسات المتميزة في المجال وفق معايير كمية لا تقبل الخلاف، مثل نسبة الناجحين من كل مؤسسة في المسابقات الوطنية الابتدائية والإعدادية والباكلوريا، مع نوع التمييز الإيجابي لصالح بعض المناطق والفئات عند وضع تلك المعايير.

 

وليس في الأمر بدعة أو خروجا عن المألوف، ففي دول العالم المتقدم نجد المدارس والجامعات التي تحصل على اعتمادات أكاديمية مرموقة، أو ترتفع بمستوى طلابها على معايير محددة، تنال تمويلا حكوميا إضافيا، ومنحا مالية لطلابها بشكل مباشر أو غير مباشر. ومن الدول من تتبع معايير تمييز إيجابي مثل إضافة نقاط في المنافسة للمؤسسات التي يلتحق بها ملتحقون من الأقليات، أو من أوائل الملتحقين بالتعليم من عائلاتهم مثلا.

 

وإذا فارت مؤسسات معينة بالجائزة فإنها تستطيع أن تحل بعض مشاكلها التي قصرت عنها يد التمويل، وبإمكانها أن تخصص جزءا من مبالغ الجائزة للعاملين عليها، وهو أهل لذلك، وحتى بإمكانها أن تخصص جزءا منها لطلابها المتميزين أيضا أو الذين يحتاجون إلى دعم وتشجيع. أليس هذا بأولى من توجيه الجوائز إلى جيوب شخصية محدودة؟