الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام التي هي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا.
والحقيقة أن الحج فريضة عظيمة كثيرة المنافع الدنوية والأخروية كما قال الله تعالى {ليشهدوا منافع لهم..}.
ومن الصعب على المسلم أن يقارب قيمة هذه الفريضة المقدسة قبل أن يدخل فيها ويجرب مناسكها في الموسم.
السفر إلى الحج فرصة رائعة جدا لزيارة الحبيب عليه الصلاة والسلام وصاحبيه أبي بكر وعمر في المدينة المنورة والسلام عليهم عن قرب وكذلك زيارة شهداء السلف الصالح الذين بذلوا دماءهم الزكية رخيصة في سبيل هذا الدين والتمكين له في مشارق الأرض ومغاربها. وأمام تضحيات هؤلاء القوم يشعر المرء حقا باحتقار شديد لذاته وهو الذي لم يقدم مثقال حبة من خردل نصرة لدينه والدعوة إلى الله.
في رحلة الحج يتطهر الحجيج من أدران الذنوب والخطايا حتى يعودوا إلى أهليهم أصفياء أنقياء كيوم ودلتهم أمهاتهم. وفي الموسم يستفيد المسلم القادم من مضاعفة الحسنات ويجمع منها القناطير المقنطرة بسهولة ويسر بسبب البركة التي أودعها الله في هذه الأرض المقدسة فمثلا صلاة واحدة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تضاعف ألف مرة وفي المسجد الحرام مائة ألف مرة.
وبإجراء عملية حسابية نقول إن صلاة واحدة في المسجد الحرام مع الجماعة تساوي صلاة خمس وخمسين سنة مع الجماعة في مساجدنا وصلاة يوم كامل فيه مع الجماعة تساوي عند الله أجر صلاة مائتين وسبع وسبعين سنة مع الجماعة في مساجدنا!! يا لها من بركة عجيبة وخزائن لا تحصى من الرحمات تفتح هنا على العبيد {ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفصل العظيم}.
عندما تشاهد البيت العتيق لأول مرة تخيل ما شئت عن مدى السرور والحبور والشعور الرائع بلذة الإيمان والإقبال على الله التي تنتاب الحجاج في تلك اللحظة بالذات.
هنا ينتهز الحاج فرصته بالدعاء وهو موقن بالإجابة مهما طلب ولم لا وهو بباب الملك الديان وعند جناب الكريم المنان وقد نادى عبيده أن يقصدوه عند بيته المشرف ليكرمهم ويباهي بهم ملائكته.
سبحانك سبحانك يا إلهي أي إكرام وأي إنعام وأي سلام فاز به الحجاج.؟؟ اللهم اجعلنا من المقبولين ولا تجعلنا من المطرودين.
أما الطواف بالبيت العتيق سبعة أشواط عكس عقارب الساعة فهو عبادة تنقلنا روحيا مباشرة إلى عالم الطهر حيث الملأ الأعلى في السماوات سبعون ألف ملاك يطوفون حول البيت المعمور كل يوم ولا يعودون إليه أبدأ حتى تقوم الساعة. أخي الحاج أطلق لنفسك العنان ودع روحك تسمو وتسمو ثم تسمو وتنعم بهذه المنزلة والقرب والاتصال والتشبه بملائكة الله في السماوات.
هنا في هذه البقعة الطاهرة كل شيء من حولك مبارك ومقدس من ماء زمزم إلى الصفا والمروة وأنت تسعى بينهما فلا تبخل على نفسك بدعاء لا يرد ونية صالحة.
ولأن الحج كله عرفة فلنا وقفة مع الوقفة على جبل الرحمة في عرفات الطاهرة إن شاء الله نظرا لضيق الوقت الذي أنجزت فيه هذه الأسطر فيه.
والله الموفق.