على مدار الساعة

موريتانيا: الفدرالية أو الهاوية (1)

21 ديسمبر, 2018 - 12:57
ذ/ محمدن محمد دي

صحيح أن الشعب الموريتاني يجمعه الدين الإسلامي والتاريخ العريق والمصير المشترك لكن فيه اختلافات حقيقية لا ينبغي أن تتحول إلى خلافات لأنها نعمة من الله وآية من آياته كما قال تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾ ولهذا الاختلاف مقتضياته وإكراهاته ، فإن تم التعامل معه على أساسها كان مدعاة للتكامل والتعاضد والعكس بالعكس .

 

نعم لدينا اختلاف في الألسنة والألوان ، لدينا تفاوت اقتصادي وتمايز اجتماعي وتباين ثقافي ، لدينا مخلفات استرقاق ، لدينا إرث إنساني ، لدينا مشاريع تطرف ديني ، لدينا عنصريون انتهازيون ، نتن الدعوات الجاهلية يفوح في كل الاتجاهات ، لدينا تفاوت هائل في النمو الديمغرافي ، لدينا حدود من أطول الحدود في العالم ظلت مفتوحة أمام الهجرة والتجنيس لعقود من الزمن .

 

هذه المشاكل والخلافات هي حديث الصالونات منذ سنوات ، وهو حديث ما زال خافتا ويخلص في الغالب إلى أن موريتانيا حتما إلى الهاوية ، ولكنني أقول ليس بالضرورة إلى الهاوية بل الحل في متناول اليد.

 

الفدرالية تضمن وحدتنا  وتنظم وتشرع اختلافاتنا وتسمح لكل إقليم أو عرق إن شئت أن يقرر ما يريد وبالطريقة التي تناسبه دون أن يؤثر على بقية الأقاليم أو الأعراق.

 

أعرف أن موريتانيا من المستعمرات الفرنسية وأن فرنسا ما زالت دولة أحادية رغم أن كل الدول المحيطة بها فدرالية بالدستور أو بالأمر الواقع: (ألمانيا ـ بلجيكا ـ اسوسيرا ـ النمسا ـ ابريطانيا ـ اسبانيا ...).

 

ورغم نجاح تجربة الفدرالية منذ مؤتمر فيلاديلفيا 1787م وكون جل الدول المستقرة في العالم تعتمد هذا النظام حتى في إفريقيا مثل: (اثيوبيا ـ جنوب إفريقيا ـ نيجيريا) وفي أمريكا اللاتينية مثل: (البرازيل ـ الأرجنتين) وفي آسيا ك: (الهند ـ وباكستان) وفي كل الدول العظمى تقريبا مثل الدول الأوروبية السابقة الذكر إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والصين وكندا وأستراليا .

 

وفي عالمنا العربي فإن تجربة الإمارات العربية المتحدة تجربة رائدة في هذا المجال .

 

ولأن دساتير المستعمرات الفرنسية مستوحاة من دستور الجمهورية الفرنسية الثالثة إلى حد النسخ فلم يشر فيها إلى الفدرالية وحكم الأقاليم أو القوميات كما هي التسميات المعروفة .

 

ولكن شجاعة قيادتنا الوطنية وحرصها على مصلحة الشعب والتفاف كل المكونات حولها والخطوات نحو الحكم اللامركزي وانتخاب مجالس جهوية ، كلها أمور تريني ضوء في نهاية النفق ....

 

يتوصل إن شاء الله تعالى