على مدار الساعة

غزواني فرصتنا معاشر المعتدلين الوطنيين

5 مارس, 2019 - 22:57
لمهابه ولد بلال

غزواني فرصتنا معاشر المعتدلين المنطقيين والواقعيين رمى إلينا بخطاب الجمعة وبه أكثر من رسالة فالكرة في ملعبنا فإما أن نتلقف الفرصة ونسد الباب قدر الإمكان أمام أصحاب التملق والمصالح الضيقة المنتشرين كالميكروبات وإما أن نضطره للاعتماد عليهم وحدهم وبالتالي مواصلة عزف سيمفونية استدرار الوطن وحلبه شر حلبة ومواصلة هواية الدعس على كل المنطق بحسن أو سوء نية؛
فكلما ابتعدت النخبة الواعية الوطنية عن صناع القرار تمكن أصحاب اللا منطق وعشاق نظرة "عيشوا اللحظة " من الإجهاز على ما تبقى من أماكن البصيرة والتبصر.

 

لا أحد أقوى من الرئيس محمد ولد عبد العزيز وأكثر جرأة وصرامة، وكان صادق النية في اجتثاث الفساد ووضع حد نهائي لممارسات أهلكت الحرث والنسل وأفسدت الزرع بيد أنه واجه معارضة قوية وشيطنة متزايدة، وكان قد خرج لتوه من سمعة انقلاب شرس ضد أول تجربة ديمقراطية مما اُثر ذلك على أدائه بشكل متصاعد فكانت سنواته الأولى أفضل من سنواته الأخيرة.

بيد أن المرشح غزواني يختلف، فلا الظروف هي، ولا النظرة واحدة، إنه امتداد للرئيس محمد ولد عبد العزيز، نعم من حيث الإخراج والشكل فكلاهما عسكري وهما رفيقا درب على امتداد عقد من الزمن نسقا أهم المنعطفات الوطنية الراهنة ولكنه يختلف من حيث الطرح والأدوات فسمعة الانقلاب السيئة تبتعد شيئا فشيئا وإنهاء المأمورية الثالثة خطوة زادت الرصيد الايجابي .

قد يكون الرئيس عزيز استفاد من أخطاء الأنظمة السابقة لكن غزواني سيستفيد من أخطاء نظام الرئيس عزيز نفسه وله الإرادة في ذلك فإخراج حفل الترشح وطبيعة خطاب الترشح كانت مؤشرات واضحة للابتعاد قدر الإمكان عن أماكن الشك والتوصيف؛ أطلق العملية من ملعب مستقل وكانت مظاهر حضور "الدولة" في أقل حالاتها مع أننا على اقتناع أنه مرشحهم لكن العبارة تحسن وتخشن.

كان بإمكان غزواني أن يجمع حوله يوم الترشح كل مكامن القوة في الدولة ولكنها رسالة إلى كل الفرقاء... نحن لا نعتبر كل الأنظمة أخطاء ولا نعتبر كل نظام صائب بل هناك إيجابيات وسلبيات دعونا نتحد نسد مكامن النقص لا تهديد لا وعيد بل موريتانيا لكل الموريتانيين .
 

قد يسأل سائل سؤالا وجيها وهل قدر الشعب الموريتاني هذا أو ذاك؟ نعم في هذه المرحلة لا يمكن للمرء أن يقفز على الواقع فمؤسسة عسكرية حكمت أكثر من 40 سنة لا يمكن أن تخرج المشهد إلا باقتناع نتيجة وعي ونضج نابعين من دراية وثقافة وما دامت تعطي إشارات ايجابية فلماذا الولادة القيصيرية غير مضمونة النتائج.

لا نريد لسنة 2008 أن تتكرر، لقد عشنا 2007 عرسا ديمقراطيا وزدنا الجرعة من الأحلام كثيرا، وكانت انتخابات 25 مارس 2007 بين رجلين مدنيين من رعيل ساهم مساهمة فعالة في بناء الدولة وانطلق يومها الحلم الموريتاني لكن سرعان ما رمينا بالتجربة على قارعة الطريق وانهارت الأحلام وكادت البلاد تخرج عن السيطرة؛ نعم حصل انقلاب على أول رئيس منتخب لأن المؤسسة العسكرية لم تنضج بما فيه الكفاية وحتى المؤسسة المدنية الواعية التي ظلت تعارض وتنادي بدولة القانون أيدت الانقلاب وسط دهشة الرأي العام الوطني
دعوهم يحكمون فهم سيحكمون بكم أو بدونكم لكن الأمور تتحسن فعندما اقتنعوا ألا مأمورية ثالثة فذلك هو بداية الخيط الذي سيوصلنا إلى بر الأمان بحول الله .

 

إننا نمر بمخاض والبلاد في ظرفية عصيبة فالعرقية والشرائحية تطلان برأسيهما والثروات تخرج من باطن الأرض ولعاب العالم يسيل وجوارنا هش والدول من حولنا تتساقط مع الأسف والمناطق الرخوة أزواد والصحراء قابلة في أي وقت للاشتعال
نريد سلطة قادرة على حفظ الأمن؛ متجانسة؛ تفكر بعقل واحد وعقلية واحدة لا يعكر صفقوها الدسائس لا نريد تهورا آخر وانقلابا آخر وتجربة أخرى صريعة لأنه ببساطة ليست كل مرة تسلم الجرة كما يقال.

نحن أمام مرشح يمده يده للجمع من عمق المؤسسة العسكرية لديه سمعة طيبة لم يعرف عنه التدخل السافر ولا فاحش القول أو التدخل الفج بين الفرقاء
كان موظفا مهنيا منضبطا ألقى خطابا جيدا وهو من عمق المجتمع يحمل في جوانب أخرى أصالة الشناقطة وعمقنا الحضاري الذي نفتخر به.

إنها فرصة كبيرة، فإما أن نقدر الظرفية معاشر الوطنيين وندعمه ونلتف من حوله ونشاركه بناء الدولة والمرحلة الدقيقة بصدق وإحساس وطني أصيل بلا تطبيل أو تزمير أو تزوير للحقائق كتصوير الواقع جنة وهو عكس ذلك فالموالاة الصادقة ليست جريمة وليست نفاقا وهنا يكمن التحدي ويعرف من هو الموالي الصادق من الموالي الرديء وكما يقول حكيم الشعراء:

إذا اشتبكت دموع في خدود *** تبين من بكى ممن تباكى

وإما أن نتركه يصارع الطفيليين وسينجح بهم ونواصل شيطنته وشيطنة كل من يصل إلى السلطة والنتيجة المزيد من تضييع الفرص وابتعاد العقلاء والمزيد من الخراب وفساد الإدارة والقيم وانهيار الدولة لا قدر الله .