على مدار الساعة

الطفرات والتأقلم للفيروسات، طفرات فيروس كورونا!

21 ديسمبر, 2020 - 23:39
الدكتور محمد محمود العالم - باحث في علم الأوبئة

الفيروسات في العادة تتعرض لطفرات عدة، هذه الطفرات تمكنها من اكتساب قدرة جديدة للعدوي أو الإمراض للكائن الحي، وأيضا التأقلم أو التكيف مع هذا الكائن وخاصة الإنسان، ولكن توجد أيضا طفرات مهمة تؤدي إلى إضعاف قدرة الفيروس واختفاء الوباء الذي يسببه.

 

ظهور سلالة جديدة من فيروس كورونا أو كما تسمي السلالة  البريطانية ذات الطفرة N5O1Y لم تكن وليدة الصدفة، ويعتقد أن أصلها من جنوب إفريقيا، ولكن قبلها ظهرت عدة سلالات، بدءا من السلالة الإسبانية ذات الطفرة 20AEU والمسؤولة عن الموجة الثانية في أوروبا، وكذالك سلالة أخرى ذات الطفرة D614G ظهرت مع شهر إبريل وكانت أكثر عدوانية وعدوى من سابقتها السلالة D614. المهم أن كل هذه الطفرات لم تغير من شكل الفيروس الكلي مجرد تغيرات في المادة الوراثية الفيروسية ARN، إلا أن الطفرة الجديدة أو السلالة البريطانية كانت مقلقة ولو بشكل ضعيف لأنها غيرت جزءا بسيطا من بروتينات السطح Spike للفيروس والتي من خلالها يتشبث بالخلية البشرية ويدخل اليها.

 

كيف تحدث الطفرات؟

لكي تحدث طفرة أو طفرات لا بد من وجود أجيال من الفيروس ( Géneration fils)، إذا يمكن القول بأن انتشار العدوى بين الناس وبين شعوب القارة يؤدي إلى زيادة إحتمالية حدوث الطفرات بشكل أكبر وأسرع.

 

من هو المسؤول عن الطفرة في الفيروس؟

هناك مايسمي بـRéplicase وهو المسؤول عن استنساخ الجينوم الفيروسي، حيث يوجد Réplicase ADN وRéplicase ARN. والفيروسات ذات المادة الوراثية ARN هي أكثرها تعرضا للطفرات نظرا لكثرة أخطاء Réplicase ARN أثناء القراءة واستنساخ الجينوم الفيروسي، وبالتالي تحدث طفرة في الجينوم تؤدي إما إلى تغييرات في الجينوم الأصلي أو تغييرات تطال بروتينات السطح وهي المهمة لأن التلقيح يستهدفها، بشكل مبسط مثال على هذه الطفرة: تصور عندما تكون في فصل ويحدث اختلاس بين الطلاب، المعلومة الصحيحة والأصلية ستكون من الطالب المجتهد والطلاب الآخرون سيختلسون تلك المعلومة ولكن بشكل خاطئ ونقص أيضا في تلك المعلومة، الطالب القريب من التلميذ المجتهد ستكون معلومته ليست كاملة 100%، والطالب الذي يليه ستكون هذه المعلومة 70%، وهكذا تحدث أخطاء وتغييرات أثناء ذلك الاختلاس، ذلك هو ما يحدث أو بشكل مقرب بالنسبة للطفرة.

 

هل هذه الطفرة ستؤثر على التلقيح ضد الفيروس؟

في الوقت الحالي لا، لأن أغلب الدراسات المهتمة بطفرات الفيروس أظهرت أن هناك ما يزيد على 2000 طفرة حدثت لفيروس كورونا، إلا أن أيا م هذه الطفرات لم تغير بروتين السطح Spike المستهدف من طرف اللقاح الجديد.

 

في الأخير يبقى لدي قلق آخر، ألا وهو حدوث طفرة فيروسية لكورونا على مستوى الحيوانات ليصبح أكثر عدوانية كفيروس الأيدز الذي يعد من أكثر الفيروسات تعرضا للطفرات وهو ما يصعب اكتشاف لقاح له حتى الساعة.

 

بقي أن نشير إلى أن هذه السلالة الجديدة البريطانية N501Y وجدت عند حيوان المنك (vison) بالدنمارك مما أدى بالسلطات الدنماركية إلى إعدام حوالي 10.2 مليون رأس من هذا الحيوان الصغير والذي يدخل في الدورة الاقتصادية للدنمارك خاصة في صناعة الزيوت والصناعات التحويلية الأخرى.