على مدار الساعة

حملة الشهادات في مزرعة امبورية: كوابيس أحلام التعويض والعودة

8 أغسطس, 2021 - 17:17
محمد أحمد الراظي

يطل العام 2011 فتطل معه بداية جديدة وقصة من عالم آخر.

 

قصة عالمها البطالة والتشغيل وموضوعها الزراعة والسيادة والأمن الغذائي.

 

مهندس شاب أوحامل شهادة عليا قذفت به صروف الدهر في شمامه. وعلى غير موعد ومن غير همة في الأمر أو  تخطيط مسبق صار  مزارعا وبإضافة الشهادة وكأن القدر شاء أن يكون هذ الشخص نموذجا لحياة مختلفة نادرة وفريدة.

 

الواقع صادم على "أرضية امبورية"، لمن تلقى دروسا نظرية حول الاستصلاح وتسوية التربة الزراعية، ونقاوتها من الأعشاب، وجودة قنوات الري والصرف، وتوفر مياه الري والتحكم فيها...

 

وتمضي الأيام والمواسم عطش متكرر للحقول وفساد محصول تلو الآخر بسبب انعدام آليات الحصاد وآفات طيور وفئران وأمراض ماحقة بلا متابعة أو مكافحة أو إرشاد أو تأطير...

 

انعدم كل ذلك وإن كان لازم فنيا ومضمون بموجب عقد الاستغلال الدائم للقطع الأرضية.

 

وبين كل ذلك جهد ومكابدة وصبر يذلل الصعاب ويترك بصمات النجاح ويرسل الأمل.

 

أمل في بداية ذلك الطريق ووسطه وحتى النهاية ولحظة توقف المشروع فجأة وما صاحب ذلك وأعقبه.

 

توقف المشروع وقد ازدادت المصاريف والالتزامات وكان الاعتماد كل تلك السنين بعد الله على  ما تبقى من هذا النشاط رغم كلفة التمسك به قبل أن تسلب بركة عطائه التي لا غنى عن نتاجها،أورمزية عنوانها على الأقل في مواجهة انهيار قد تحدثه العودة إلى نقطة الصفر إذا سرى اليأس والاحباط إلى النفوس.

 

وإذ لا مناص من التوقف والعودة إلى البطالة رغم دين عام وخاص لا سبيل لقضائه غير  النشاط - الذي كان ذلك الدين أحد تبعاته - وقد توقف سداده عند آخر حملة قبل التوقف، ومع وجود عيال طرأ وزوجة وأبناء، وفي أفق حالك يتقدم  أحد أولئك الشاب إلى مسابقة من أجل اكتتاب في وظيفة محفوف بمكاره لو نجى منها سيواجه بطالة التكوين والتربص لسنتين أو ثلاث، ولن يكون له رزق غير منحة طالب لا تجدي نفعا ولا تدفع ضرا، ويبدأ مسلسل المعاناة اليومي في البحث عن سبيل عيش أقرب إلى الخيال.

 

بم يكون ذلك؟!

 يريد ذلك الشاب أن يستدين لكن ممن وعلى ماذا؟

 

وفي تلك الأثناء يراود ذلك الشاب تفكير في عودة الى عهد ونشاط قديم.

 

نشاط كان قد خبره  وتآلف معه ولكن لا سبيل إلى ذلك فدونه تسويف ومماطلة بل تنكر وجحدان.

 

يطول الأمد في كوابيس ذلك الحلم الفظيع سنتين تذهب مرحلة وتجيء أخرى ويتبدل وزراء بآخرين ويستمر الحال على ما هو عليه.

 

يصل الشاب المزارع المُوَقَّفُ المدين تفكير ليله بنهاره يعيش كوابيسه المفزعة وتتوارد على خاطره أسئلة كثيرة عن العودة  إلى المشروع وزراعة الأرض وتسديد الديون والتمكن من استصلاح القطعة الأرضية وترميمها،وبأي وسيلة؟.

 

ثم يتساءل عن التعويض عن توقف المزرعة وفترة البطالة وموضوع الوظيفة التي طرأت عليه ودخلها المحدود وعلاقة كل ذلك بحق الاستفادة من التعويض وكيف ستتم معاملته بالنظر في كل ذلك بعين الإنصاف؟.

 

لا تفتأ معاناة التوقف تجدد  الحديث  عن حق التعويض وحق العودة وتلهم حنينا ورغبة في الإنصاف والعدالة تتبصر تلك المعاناة وتعتبر بحجم الخطب والكارثة وتترصد تفاصيلهما الدقيقة لكل شخص تفاديا لأن يقع ظلم على أحد وتحاشيا لوضع عراقيل ومطبات لم توضع حين تم تعويض آخرين من غير حملة الشهادات في مزرعة أمبورية.

 

عراقيل قد تمنع استفادة بعض هؤلاء من حقهم في التعويض وحتى غيره لا قدر الله.

 

وفي تنازع مع تلك الأنات والآلام يتمسك الجميع بخيط أمل ما فتئ يلوح برد مظلمة هناك وإعادة حق لبعض أصحاب الحقوق يتبدى من حين لآخر في عهد فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

 

وعسى أن يبزغ فجر العدالة والإنصاف قريبا فيصحوا الجميع على المزارع والحقول ويستعيد أمله في الحياة والعيش ويتخلص من أثقال الديون.