على مدار الساعة

صراع الإرادات.. في مجتمع التناقضات

13 يونيو, 2022 - 12:27
بقلم / أحمد ولد السالم - benessalem@gmail.com

كشفت شبكات التواصل الاجتماعي التي اجتاحت العالم بأسره ووفرت منبرا لمن لا منبر له ومنحت مساحة واسعة للبوح بمكنونات النفوس... كشفت هذه الشبكات عن وجود صراع إرادتين قويتين في هذا المنكب البرزخي:

 

أولاهما: إرادة "المستضعفين" ويسعى أصحابها، بكل ما أوتوا من قوة، للخروج سريعا من شرنقة العباءة القديمة التي فصلتها الأطراف القوية في مجتمع السيبه القديم على مقاسها ووفق شروطها ومنطقها. لقد تمكنت، تلك الأطراف النافذة، مع الوقت من تأبيد ما كرسته من طبقية وتراتبية من خلال فرضها بالقوة تارة، وخلع هالة من القداسة عليها تارة أخرى، كما حمتها بترسانة من السرديات والخرافات والأساطير بغية إطالة عمر تلك الطبقية وتحصينها من عاديات الزمن... بيد أنه وبعد انتشار الوعي والانفتاح على العالم الذي بات، بحق، أشبه ما يكون بالقرية الكونية الواحدة  شعر أصحاب هذه الإرادة - (المستضعفين) - بحجم الظلم الممارس عليهم، وثقل القيود التي تكبلهم، وبُعد تلك الأغلال المجتمعية عن تعاليم شريعة الإسلام، كما شعروا بخذلان الدولة الوطنية لهم طيلة عقود الاستقلال الستة... فكان أن تعالت أصوات هؤلاء مطالبين بالإنصاف والمساواة في الحقوق والواجبات في كنف دولة القانون، مع المطالبة بإحداث قطيعة تامة مع الجوانب المظلمة من ماضينا وتنقية  تراثنا المليء بالألغام كبداية مهمة ومدخل ضروري للولوج إلى بوابة المستقبل وعصر دولة المؤسسات دولة المواطنة.

 

ثانيا: إرادة "الحرس القديم" وأصحاب هذه الإرادة هم المستفيدون من مخرجات المعادلة الاجتماعية القديمة وينقسمون إلى فسطاطين:

- فسطاط "العوام" وهم مجتمع تسوده الأمية ولا يؤمن بضرورات مجتمع الدولة الحديثة لذلك لا يعترف هؤلاء - أصلا - بوجود اختلالات بنيوية ومظالم حقيقية، بل يرون أنه ليس بالإمكان أفضل ولا أمثل مما كان!!.

- ثم فسطاط "النخبة" وهي في سوادها، عدا عدد قليل من الوطنيين التنويريين، نخبة منافقة ومداهنة تضمر عكس ما تقول.. فما تقوله في وسائل الإعلام وعلى صدور صفحاتها من كلام جميل ودعوات مخادعة، بضرورة التغيير وإحداث ثورة على العقليات بغية إشراك فئات الهامش تناقضه في السر وتعمل ليل نهار على نسف جميع محاولات الإصلاح لاستمرار الحال على ما هو عليه ولو بألف شكل وشكل.

 

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:

لمن ستكون الغلبة في نهاية مطاف ماراتون صراع الإرادات هذا؟

 

أتمنى أن تكون الغلبة لأصحاب العقول الكبيرة من جميع الأطراف والأطياف الوطنية وأن تكسب موريتانيا، التي تقف اليوم على مفترق طريق، هذا الرهان الصعب لصالح كل الموريتانيين.. ونخرج جميعا من ضيق القبلية والشرائحية إلى سعة دولة القانون المستمد من شريعة الإسلام.. دولة المؤسسات.. دولة التنمية والازدهار الاقتصادي.. دولة يكتسب الفرد فيها قيمته حسب كفاءته ومستوى إنتاجيتة.. دولة حرية كل فرد فيها تنتهي حيث تبدأ حرية أخيه في الدين والوطن.