كلمة الإصلاح كانت في الأيام الماضية قد أظلمت الدنيا في وجهها وتمنت أن تقوم الساعة قبل تنفيذ ما قامت بد دولة إسلامية هي المشرفة على الأماكن المقدسة باستدعاء أكبر معاد للإسلام سرا وجهرا ويمثـل ملكه وفكره قارون إلا أنه هو لا علم عـنده.
وقامت هذه الدولة بعقد ثلاث قمم على سخافة هذا الإنسان بدلا من شرفه: الأولى باسمها دولة خليجية والثانية باسمها دولة عربية، والثالثة باسمها دولة إسلامية، ومقر مكان الأماكن المقدسة: كعبة الله على أرضه ومكان دفن أفضل خلقه صلى الله عليه وسلم ليتـلطخ الجميع بالجلوس مع هذا القاروني.
وقد شاهد العالم مع الأسف في هذه القمم ما يجعل العربي المسلم في أذل وضعية يكتبها له التاريخ على الأرض تتمثل في رؤيته لملوك وأمراء ورؤساء مسلمين أغلبهم ملآ من الدنيا لا ينقصه حطامها ولكن ينقصه مع الأسف الكبير التفـكير في لقاء الله.
هؤلاء القادة العرب المسلمون يشاهدهم العالم وهم يخرون على أذقانهم سجدا في أحضان من لا يرجوا لقاء الله ولا يفكر في ذلك ويطأطئون رؤوسهم التي كانت تسجد لله أمام بنت هذا الرجل المخمور وزوجها وكأن الله الذي يؤمنون بكلماته لم يقـل لهم: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبيء وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء}.
إننا نحن الناطقين بالعربية لم يكن ينقصنا أمام العالم مواقف خزي وعار ولا تنقصنا النكبات أمام العالم القاتـلة المزرية منذ زمن بعيد فقد ألبسنا رؤسائنا في التاريخ المنظور من الخزي والعار ما تنوء بحمله العصبة أولى القوة.
فبعد تاريخنا الذهبي الذي اختارنا الله فيه وفضلنا بـنزول كلامه بلغـتنا وبحمل رسالته المرسلة إلى أهل الأرض جميعا حتى يرث الله الأرض ومن عليها وأعزنا بهذا الإسلام أمام أعين العالم ها هو الآن جل جلاله بعدله يسلخ منا هذه العزة أمام العالم عندما قام سادتنا وكبراؤنا بطلب العزة والتسابق إليها عند غيره وعند اترامب بالذات رجل الدنيا الذي لا يرجوا لقاء الله ولا يرغب في مؤمن إلاّ ولا ذمة وأركعنا أمام قدمه وصرنا نطوف بجيوبه لنملأها له من فضل الله الذي آتاه لشعوبنا وجعلنا مستخلفين فيه وذلك ليتآمر مع بعضنا على حصار دولة أعطاها الله عزة اكتسبتها من فعلها الأخلاقي وإعانة الله لها على ذلك فبعد أن حاولت هذه الدول اللحوق بها في أي مجال أخلاقي وعجزت عن ذلك صارت تطـلب من هذا الرئيس المخمور الصهيوني عقيدة وحبا وملئوا له جميع جيوبه وفعلوا ذلك لابنته وزوجها راجيا منها أن تـتركهم يملأون خزينـتها من مال الله بعد أن ملأوا خزائن أبيها التي لا يملأها إلا التراب فإنا لله وإنا إليه راجعون متبعين في ذلك قصة ابني آدم إذ قربا قربانا فتـقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر الخ القصة وما فعلت قطر من المعاني السامية في آخرها.
ولقد صدق فيهم قول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما ابتـغينا العزة في غيره أذلنا الله: والله لقد أذلهم الله بهذا الفعل ذلا لا عزة بعده، ومع الأسف كل الأسف أذل الجنس العربي والمسلمين عن طريق هذا الإذلال، فلقد أصبحوا أمام العالم من ذلهم أرانب في إسرائيل وأسود على قطر.
إن المفكر المسلم في هذا التاريخ الجديد ما كان يظن إلا أن العرب المسلمين استوفوا الإذلال والخنوع في هذا التاريخ المنظور وبالتحديد في القرن الماضي.
وبعد انحراف الجنس العربي عن الطريق المستقيم في الإسلام، وبعد انتهاء قيادة الإسلام من الجنس العربي في العهدين الأموي والعباسي وسقوط الأندلس وانتهاء دولة المرابطين والكيانات الأخرى المتفرقة في المشرق والمغرب فعندئذ استـلمت الدولة العثمانية قيادة المسلمين وكانوا في تلك القيادة أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يعظمون العرب حملة بداية الرسالة ويحرسون الإسلام وأماكنه المقدسة حراسة الفارس الشجاع الذي لا يخاف في الله لومة لائم حتى جاءت الحرب العالمية الثانية وانحاز العرب إلى أعداء الإسلام ضد العثمانيين قائدي الخلافة بشجاعة وأمان وتواضع .
إلا أن انحياز العرب هذا لأعداء الإسلام لم ينـتـج عنه إلا بروز قيادات عربية تـكره الخلافة العثمانية ولا تريد العزة للإسلام، وباختصار عندما دخلنا نصف القرن الماضي ظهرت زعامات تـنادي بالعروبة فقط وتترك الإسلام وراء ظهرها بل ناصبته العداء وهي لا تملك مثـقال ذرة لنفسها من العزة والخلود دون الإسلام.
فبدأت انتـكاساتـنا تـتـرى وبدأ التفـنن في تعذيب الشعوب داخل تلك المسميات العربية وتحـيـيد الإسلام ومن يتعلق بما جاء فيه ونفي الجميع خارج الوطن العربي إلا من رحم ربك وبقي داخل وطنه.
فجاءت نكبة 48 واحتلال اليهود لفلسطين وقـتـلهم وتشريدهم لشعبها ثم جاءت نكسة 67 من شعب صغير ملعون من طرف المولى عز وجل لأكـثر من عشر دول عربية لا تـقاتل إلا تحت راية العروبة تلك الراية التي مزقها الإسرائيليون حسا ومعنى أمام العالم، ثم جاء غزو الكويت من طرف دولة عربية تداعى عليها باقي أكثر العروبة ليبيحوا حرمها لدول أجنبية كافرة لم تألوا جهدا في إسقاط تلك الدولة وتمزيقها إلى آخر ما نعرف جميعا.
ثم استلمت كثير من القيادات ـ العسكرية عملا ــ الديمقراطية لفظا ـ الملكية سلوكا ـ قامت بقيادة هذه الشعوب العربية بدون أن تجعل واحدة منها الرجوع إلى الإسلام في برامجها، وبما أن الإسلام حفظه الله في قـلوب المؤمنين به بحفظه لهذا القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه فجعلت هذه الدكتاتوريات الديمقراطية العسكرية الحاكمة الإسلام هو عدوها الأول وألزمت نفسها بمحاربته.
ونظرا إلى أن الشيطان من جهته دكتاتوري يكره الإسلام الصحيح الذي ينجي صاحبه من الخلود في النار فقد أجلب بخيله ورجله على من أراد الانتصار للإسلام ضد الدكتاتورية العسكرية الملكية الديمقراطية ليزيغ بهم عن الإسلام وروحه وسماحته ومكارم أخلاقه فأوقعهم في الغلو المفرط وكان ينبغي هنا أن يكون الخلاف بين العسكرييـن الديمقراطيين الحاكمين وبين الإسلاميين أصحاب الغلو والتطرف فقط ويكون هناك خط إسلامي قرآني سني من جهة يؤمن بعزة الإسلام وقوته وسلامة منهجه ومن جهة مسالمته لجميع من سالمه ونشر الرحمة والرأفة بجميع الإنسانية فوق هذه الأرض منفذين قوله تعالى {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبـيله وهو أعلم بالمهتدين}.
فهذا المنهج الأخير هو الذي فهمه بعض المسلمين وشرحوه واقـتـنعوا به وأتبعوا فيه سيرة ومنهج القرون الفاضلة في الإسلام والمصدر له موجود ووحيد وهو القرآن والسنة الصحيحة فيمكن أن يتحاكم إليه أي اثـنين اختـلفا في المنهج الصحيح للإسلام، وما اخـتـلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله سواء كنا أفرادا: أو دولة مع أفراد الخ آخره طبقا لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تـنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر} لا أن يرد إلى السجون والتـقـتيل والتحقيق الدنيوي المبتور عن الإسلام.
أهل هذا المنهج سماهم إبراهيم عليه السلام المسلمون أضافوا أهل مصر عليها كلمة الإخوان اقتباسا من قوله تعالى {إنما المؤمنون إخوة}.
أما غير المصريين فمن أراد من أهل هذا المنهج أن يتحزب طبقا لنظام الديمقراطية الجديدة فلا بد من اسم يميزه عن الأحزاب الأخرى أما من كان هذا القرآن هو دليله في الآخرة والسنة الصحيحة هي المبينة له عنده وهو غير متحزب فلا داعي لتصنيفه بل هو داخل في قوله تعالى {ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك بالعروة الوثـقى وإلى الله عاقـبة الأمور}.
وحاصل كل هذا أن أهل الإسلام بمعنى من يؤمن بالله واليوم الآخر ينقسم فكره وسلوكه الآن إلى عدة أقسام:
أولا: المسلمون الحاكمون للشعوب وهؤلاء يقولون ويفعلون من الإسلام ما لا ينكره عليهم غير المسلمين فلا ينفذون حدود الله ويلتزمون بكل شعارات العالم غير الإسلامي فهم مثـل من يسير ولا يدري متى يسقط في حفرة القبر ويسأل عن حياته كلها وما فعل فيها والله أعلم بما يفعلون.
ثانيا : المسلمون الذين قرأوا القرآن ويريدون تطبيقه كما يفهمونه هم ولا يتفطنون لمقاصده ومراميه وقد فهم الشيطان أفكارهم فأراد أن يذهب بها إلى أبعد من منهج الإسلام الصحيح وزين لهم الغلو والتطرف ليضلهم عن الصراط المستقيم وهؤلاء هم وأصحاب الأيدلوجيات الخاصة الأخرى مثـل: الشيعة والصوفية على حد سواء كل منهما يريد الإسلام إلا أن الشيطان شعر بذلك فأغراهم بالغلو فيه وهكذا كل من يعبد الله عبادة لم يأخذها من القرآن ولا من السنة.
قسم ثالث: عامة المسلمين يعبدون الله حسب بيئتهم وتقاليدهم وما ورثوه من العقيدة عن آبائهم من غير أن يعرضوا ذلك على أهل الدين الصحيح فهؤلاء هم الذين تستهدفهم الدعوة إلى الإسلام الصحيح والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
فلم يبق بعد هذا التمحيص إلا أصحاب المنهج المتـقدم المستخلص من القرآن ومقاصده ومنهجه في الحياة مع المسلمين وغير المسلمين إلى آخر ما تـقدم إلا أن الشيطان سوف لا يتركهم ودعوتهم الصحيحة بتسليط عليهم من لم يوفقه الله للتحضير للأجوبة المباشرة منه جل جلاله.
وبعد هذا الملخص لواقع المسلمين الحالي نعود إلى كارثة أو فاجعة ما تمخض عن القمم الثلاثة بين الدول الإسلامية وقارون القرن الواحد والعشرين لنقول: إن المسلمين بجميع أطيافهم لا شك أنهم تفاجأوا في أيام انتشار الرحمة والبركة على الأرض بحلول شهر رمضان المبارك وتصفيد الشياطين في ذلك الوقت فوجئوا بقرار الثلاثة الذين خلفهم ترامب حتى هلال رمضان المبارك ليعلنوا فيه عن قرار يبغضه الله ورسوله ليقاطعوا دولة قطر المكان: العالمية الكرامة والأمان، ولم أذكر معهم رابعهم الثـقيل الذي علمهم السحر لأني سوف أعزله عنهم كما عزله الله بخصائصه التي عرف بها.
وهي حمله من غير التفات إلى لقاء الله لأرواح المسلمين والأمر المباشر بأنواع التعذيب والتـنكيل لأنواع المسلمين أيدلوجيـين وعلمانيـين بل ظهر أنه يمثـل ما وصفه الحديث أن بعض المسلمين يعتبر أن ذنوبه جبال يئـن من وطأتها دائما ويخاف من حسابها وبعضهم يجعلها كأنها ذبابة نزلت على أنفه فأشار إليها بيده لتطير ولا يلتفت إلى قوله تعالى {وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الأصفاد سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار ليجزي الله كل نفس ما كسبت} الخ الآية.
ولكن أقول لأولئك الثلاث الذين وضعوا أنفسهم وكأنهم أفراد من الشعب المصري ليملي عليهم السيسي من حقده على الإسلام والمسلمين ما يحسده الشيطان عليه فاستخف الثلاثة فأطاعوه، أقول لملك السعودية وأمير الإمارات ما كان أبوكما أمرأ سوء وما كانت أمكما بغيا فإن الملك عبد العزيز والشيخ زايد ما تركاكما بعدهما لتـنسلخا بعدهما من أخلاقهما العربية الإسلامية الأصيلة ولم ترثا عنهما الخنوع والركوع أمام اترامب وأمثاله الذي اشترى الضلالة بالهدى، فتـقاطعون الجحر الوحيد الذي جعله الله على الأرض ليأوي إليه كل مظلوم تطارده الطغاة والغافلون عن ذكر الله نقول لأولئك الثلاثة {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون}، أما الملك الآخر فلا نعرف عنه شيئا إلا هذا الشر الحاضر الذي وقع فيه.
وأقول لآل ثاني أن من حفظ ثاني اثـنين قادر على أن يحفظ آل ثاني ويبارك في مسعاهما وأن يجعله دائما مثـل الكلمة الطيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء توتي أكلها بإذن ربها.
أما المجرورون في هذه القضية بجميع أنواع حروف الجر فالذي يعنينا منهم قلنا له إنه في قطع علاقاته مع إسرائيل مثـل فيه جميع الموريتانيين أحياء وأمواتا وشرائح وبقي ينـتظر جزاء ذلك في الآخرة، أما قطعها مع قطر فقد مثـل فيه رجلين وامرأتين من الشعب الموريتاني وسوف يخاصمه باقي الشعب عندما يحين قوله تعالى {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون}.