على مدار الساعة

مهرجان تواصل: جدارة بالزعامة وأمانة في التعبير عن المواطن

11 فبراير, 2024 - 15:42
محمد محمود ولد عبدي

مساء أمس السبت، كانت ساحة المعرض في ولاية نواكشوط الجنوبية على موعد مع حشد جماهيري من أكبر الحشود – بل هو أكبر – الحشود التي عرفتها مدينة نواكشوط منذ سنوات.

 

تجمع الحشد الجماهيري تلبية لدعوة حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية "تواصل"، وكان شعاره جامعا لكل مشاكل البلاد، ومعبرا – بحق – عن واقع الشعب، إذا حمل شعار: "الشعب يعاني".

 

كانت رسالة الجماهير واضحة مجلجلة، ولم تكن رسالة الخطابات دونها وضوحا وقوة، وخصوصا خطاب رئيس الحزب حمادي سيدي المختار، والذي غطت جوانب معاناة الشعب من ارتفاع الأسعار، إلى تدني الخدمات الأساسية، إلى الفساد المستشري، وغياب محاسبة المفسدين، إلى التراجع الكبير في الحريات العامة، والذي مثل له بنماذج عديدة آخرها ما تعرض له الشباب الذي كانوا ينظمون جولات للتحسيس بالمهرجان من مضايقات في بعض مقاطعات نواكشوط.

  

لقد أثبت حزب "تواصل" من خلال هذا المهرجان الحاشد أنه حزب جدير فعلا بزعامة المعارضة، وأنه أمين حقا في التعبير عن صوت المواطن الضعيف المطحون، ومسؤول جدا في تعاطيه مع الشأن العام الوطني والدولي.

 

لقد سال حبر كثير في الفترة الماضية متهما تواصل بالتخلي عن دوره المعارض، وعن قرب تلاشيه بسبب "الانسحابات الكبيرة" التي شهدها الحزب، وأنه لم يعد - والمعارضة من بعده - قادرا على تقديم بديل جدي عن النظام القائم.

 

أعتقد أن رسائل تواصل التي أبرق بها من خلال مهرجانه إلى لائحة العناوين المدرجة في دفتر عناوينه كانت واضحة جدا، ومهمة جدا، ومنها، أنه:

- طمأن منتسبيه وأنصاره على أنه ما زال بخير، رغم آلام الجراح التي ألمت به في الفترة الماضية (انسحاب قيادات بارزة من بينها مؤسسون وفاعلون اجتماعيون وانتزاع منتخبين منه بالتزوير البواح)،

- رد على المنافسين الذين أشاعوا أن النظام منشغل بالبحث عن منافس يعطي شرعنة للرئاسيات القادمة بأن من يقف حزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية تواصل في صفه سيفرض أن يحسب له حسابه،

- أعطى للمشككين في معاناة الشعب الأدلة والأرقام المبرهنة على أن "الشعب يعاني" فعلا،

- أظهر الحزب أنه ما زال - بفضل من الله ومنة - الوجهة الأولى لمختلف شرائح وفئات المجتمع،

- برهن الحزب من خلال حضور قياداته ورموزه التاريخيين أن تواصل مدرسة تكفل لكل فرد منها التعبير عن آرائه، لكنها عند الجد تقف صفا واحدا في وجه الفساد والظلم والتهميش.

 

وختم بريده برسالة أخرى - أخال أنها وصلت النظام دون تشويش - مفادها أن فترة "السماح" و"التفهم" شارفت على الانتهاء.

 

وعموما، وفق الله التواصليين والتواصليات لتنظيم مهرجان يليق بهم ويليق بمستوى ما وصلت إليه البلاد من معاناة دفعت قواها العاملة الشابة إلى الهجرة: ضباطا وأطباء وأساتذة ومعلمين وأعدادا كبيرة من العاطلين، فهل سيعي النظام الحاكم الرسالة ويتلافى الوضع؟، أم ستواصل جيوش المفسدين التحكم في مفاصل الحكم ونهب الثروات غير عابئة بالمخاطر الاقتصادية والاجتماعية والأمنية المحدقة ببلادنا؟

 

حفظ الله بلادنا من كل شر.