موضوع الفساد موضوع متشابك ومتداخل، ومعقد إلى حد بعيد، لذلك محاولة رسم حدود واضحة ودقيقة له ليس بالأمر الهين، وقد تعددت التقسيمات لأنواع الفساد وذلك تبعاً للمعيار الذي اتخذه هذا الفريق أو ذاك، لذلك سنتناول تحديد أنواعه بناء على المجال الذي ينتشر فيه من خلال الأنواع التالية:
1. فساد المجال السياسي:
وهو إساءة استخدام السلطة من قبل القادة السياسيين - القيادات المنتخبة ورؤساء الأحزاب والنقابات وكل المشاركين في رسم السياسة العامة - بطرق غير قانونية لأهداف غير مشروعة. من أجل تحقيق الربح الخاص ومن أجل زيادة قوتهم وثرواتهم، ولا يحتاج الفساد السياسي إلى دفع الأموال مباشرة؛ بل قد يتخذ شكل "تجارة النفوذ" التي يتم من خلالها استغلال المناصب العليا في الدولة من أجل تحقيق منافع شخصية على حساب مصلحة الوطن والمواطنين. وعادة ما تكون سرية لتحقيق مكاسب شخصية. وأكثر أنواع الفساد السياسي شيوعاً: السيطرة على جميع السلطات داخل الدولة وعدم الفصل بينها، وهيمنة السلطة التنفيذية على باقي السلطات الأخرى داخل الدولة، تكييفه دستور البلاد حسب الأطماع الشخصية للقادة السياسيين، انتهاك حقوق وحريات المواطنين، غياب الشفافية وضعف نظام المُساءلة، سيطرة القادة السياسيين في الدولة على الثروة إلى جانب السلطة.
2. فساد المجال الإداري:
ويتعلق بمظاهر الفساد والانحرافات الإدارية والوظيفية أو التنظيمية وتلك المخالفات التي تصدر عن الموظف العام أثناء تأديته لمهام وظيفته. مثل: تزوير وثائق رسمية، الرشوة، المحاباة والمحسوبية، ابتزاز المواطنين والامتناع عن أداء العمل أو التراخي والتكاسل وعدم تحمل المسؤولية وإفشاء أسرار الوظيفة، عدم احترام أوقات ومواعيد العمل في الحضور والانصراف أو تمضية الوقت فيما لا يفيد على حساب مصلحة المواطنين، والواقع إن مظاهر الفساد الإداري متعددة ومتداخلة وغالباً ما يكون انتشار أحدها سبباً مساعداً على انتشار بعض المظاهر الأخرى.
3. الفساد المالي:
ويتمثل في مجمل الانحرافات المالية ومخالفة القواعد والأحكام المالية التي تنظم سير العمل الإداري والمالي في الدولة ومؤسساتها ومخالفة التعليمات الخاصة بأجهزة الرقابة المالية كالجهاز المركزي للرقابة المالية المختص بفحص ومراقبة حسابات وأموال الحكومة والهيئات والمؤسسات العامة والشركات، وتمكن ملاحظة مظاهر الفساد المالي في: الرشاوى والاختلاس والتهرب الضريبي وتفويت أراضي الدولة إلى الملكية الخاصة.
4. الفساد الأخلاقي:
ويتمثل في مجمل الانحرافات الأخلاقية والسلوكية المتعلقة بسلوك الموظف الشخصي وتصرفاته. كالقيام بأعمال مخلة بالحياء في أماكن العمل، أو أن يجمع بين الوظيفة وأعمال أخرى خارجية دون إذن إدارته، أو أن يستغل السلطة لتحقيق مآرب شخصية له على حساب المصلحة العامة.
إن كل أنواع الفساد التي ذكرنها أعلاه تندرج تحت الفساد الأخلاقي للفرد، موظفا عاما كان أم غير موظف عام.