مؤسسات التعليم العالي الشرعي "لا تريد تكتتب تريد تتعاقد فقط"

كان لدى الطلبة في محظرة العلامة محمد سالم ولد عدود حمار وكان ذلك إبان فصل الشتاء بمنطقة إنشيري غب موسم خريف جميل، وقد شبع الحمار وذهب يستن رفقة قطيع من الحمير ليعمل الطلبة جهدهم في ملاحقته عبر سيارة من نوع "لاندكريز" كانت بحوزة أحد الطلبة البريطانيين بالمحظرة وبعد مطاردة شاقة للحمار تم القبض عليه من قبل الطلبة الذين كانوا بحاجة إليه في جلب الماء وبعض المهام التي تعن لأهل البدو، لكن ما رفه عن الطلبة وسلى عنهم بعد هذه المطارة الشاقة هو تعليق الطالب البريطاني على الحمار، حيث قال للمرابط: "الحمار لا يريد يعمل يريد "يلعب" فقط".

 

منذ فترة ونحن نبشر باكتتاب قد أظل زمانه سيكون بمؤسسات التعليم العالي الشرعي، حيث يجري الحديث أن هذه المؤسسات (المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية بالعاصمة - جامعة العلوم الإسلامية بالعيون - المحظرة الشنقيطية الكبرى بأكجوجت) قد عبرت عن حاجتها التي تتضمن عشرات الأساتذة سيتم اكتتابهم لتسد بهم هذه المؤسسات فاقتها وتعالج بعض نقصها، ويتحقق الاكتفاء من الأساتذة الرسميين الناقص بشدة في بعض المؤسسات والمفقود أصلا في بعض المؤسسات.

 

ويهمنا هنا أن نسجل بعض الملاحظات على هذه العدة الخلب التي لم نر من مؤشر يركن إليه في تصديقها، فنقول:

1. لا أخفي أنني متشائم تجاه هذا "الاكتتاب" الذي يتحدث البعض عنه خاصة وأن المؤسسات تتحكم فيها الأعراف، ومؤسساتنا الشرعية تعودت منذ حين ألا تكتتب بل تقوم بعقود على طريقتها لمجموعة من الناس يدخلون عبر الزبونية والمحسوبية ثم تقوم بعد حين من الزمن بتسوية أوضاعهم على نحو ما.

 

2. إن التعبير عن الحاجة إذا كان قد وقع فمن المستغرب كونه لم تتداوله الأيدي ولا توجد نسخة منه لدى المهتمين بهذا الموضوع، وأذكر في هذا السياق أن التعبير عن الحاجة الذي جرى سابقا في بعض مؤسسات التعليم العالي قد تداولته الأيدي قبل الإعلان عن الاكتتاب واطلع المعنيون به عليه وعرفوا من خلاله قدر المقاعد المطلوبة.

 

3. فلو وقع فعلا تعبير عن الحاجة بهذه المؤسسات (المعهد العالي - جامعة العلوم الإسلامية بالعيون - المحظرة الشنقيطية الكبرى بأكجوجت) لأذاعته وسمحت بتسريبه خاصة أن بعضها (جامعة لعيون) يدشن هذه الأيام حملة علاقات عامة تحاول هذه المؤسسة من خلالها تحسين صورتها الشائهة  وتبرير تعييناتها وعقودها الزبونية الحائفة.

 

4. وخلاصة القول أنني أحاول أن أكون متفائلا؛ فأكذب نفسي وأكذب الوقائع والمعطيات التي مرت عليها السنون وتعاقبت عليها لأجيال لأصدق الشائعات والمزايدات غير المعززة  بالوقائع غير أن استصحاب الحال وقياسا على الماضي يمنعاني ذلك التفاؤل ويسلباني ذلك الحلم الجميل..

 

5. أرجو أن يخيب ظني بهذه المؤسسات وأن يكون تحليلي غير دقيق ونكون أمام اكتتاب يستوعب قطاعا كبيرا من أبناء هذا الوطن أفنوا عمرا في الدراسة والبحث ليجدوا أنفسهم على قارعة الطريق، فكان المحظوظ منهم من فارق الأهل والأوطان وأسلم نفسه للاغتراب.

 

6. مؤخرا صرحت وزيرة التعليم العالي أن قطاعها بصدد إجراء تقويم لحاجة مؤسسات التعليم العالي وسيجري الاكتتاب على ذلك الأساس، فهل ستكون مؤسسات التعليم العالي الشرعي(المعهد العالي- جامعة العلوم الإسلامية بالعيون- المحظرة الشنقيطية الكبرى بأكجوجت) من ضمن المؤسسات التي ستجري الوزيرة تقويما لحاجتها؟ نرجو ذلك

 

7. لكن هل ستعبر هذه المؤسسات عن حاجتها - وهي كبيرة - بشكل دقيق وشفاف؟ لا أظن فهذه المؤسسات آخر ما تفكر فيه الاكتتاب فهي "لا تريد تكتتب تريد تتعاقد فقط".