في الحلقة الأولى من كلمة الإصلاح التي تخاطب الوزراء: الشعب ينتظر منكم إرجاع موريتانيا كدولة وجهت كلامها إلى وزارة الداخلية، وتختم كلامها الآن لوزارة الداخلية بأنها هي الدولة ـ فإن أظهرت نفسها فيما يعنيها وكل شيء في موريتانيا يعنيها لنيابتها عن الرئيس فسيظهر للجميع: أن هذا الرئيس الجديد أرجع موريتانيا كدولة وأن الرئيس المنصرف ترك موريتانيا دولة أشخاص: الرئيس وحده ومن رضي عنه وبذلك تدهورت موريتانيا كدولة.
والآن أتوجه إلى وزارة الخارجية لأن الدولة لها وجهان وجه الحياة الكاملة للشعب في داخل الدولة وذلك يعني وزارة الداخلية وواجهة الدولة في الخارج وذلك يعنى الخارجية.
وبما أن ما يسمى دولة موريتانيا كانت مختطفة بالسياسة ورجال السياسة وجميع السفراء والقناصل كانوا يعينون على ضوء ما أظهروا هم أو قرباؤهم من الولاء السياسي بدون مراعاة الشهادات المهنية أو الأخلاق الدبلوماسية إلى آخره، فإن خدمة موريتانيا كدولة وخدمة الشعب الموريتاني في الخارج كجاليات تحتاج من الدولة ما يحتاجه الإنسان من الدولة ومن أقاربه في الداخل ، فإن كل هذه المفاهيم كانت تنتظر آخر لتنفيذها.
فالرئيس الذي كان على موريتانيا نظريته أو أفكاره أو احاسيسه كل هذه المعاني منحصرة فيه في ثلاثة أشياء :
الأول: أحادية الحكم التي لا تسمح إلا بالتبعية ، وإلا فالغير مفسد يجب حرمانه من الحياة في الدولة .
ثانيا: جمع المال: فكل ما تملكه الدولة من خارج الرواتب فلتصرف فيه تصرف شخص داخلي في ملكه ومنه المساعدات الدولية، الإنتاج الصادر من ما يطلق عليه خيرات الدولة سواء تحت إشراف الشرائك الوطنية أو الأجنبية.
ثالثا : احتكار العلاقات الخارجية لتكون تابعة للمزاد العلني فأي دولة تدفع أكثر ففكرها هو فكر قادة موريتانيا كما وكيفا.
ومن هنا نصل إلى أكبر مثال لترك الأخلاق وتجاهل الشعب ـ وفضيحة التبعية المدفوعة الثمن ـ ألا وهو قطع ذلك الرئيس المنصرف لعلاقة موريتانيا بحكومة قطر الشقيقة حقيقة، فإذا كان 28 نوفمبر عيد فرح للاستقلال فعلى موريتانيا يوم القطيعة المذكورة أعلاه أن تجعله يوم حداد أكثر من أربعين يوما على حقارة وسذاجة وضعف هذا الشعب عند ذلك الرئيس، فمن المعلوم أن قطر ليس بينها وبين موريتانيا إلا المنفعة من جانب واحد بدون أي مقابل .
فعندما أراد الله أن يهين بعض دول الخليج باستيلاء السيسي على مصر وقد نزع الله من قلبه كل خصلة حميدة في الدنيا والآخرة وجعله الله مثالا يقتدي به في بعض دول الخليج الذي اتبعته في تلك الإهانة المعنوية التي عبر القرآن عنها بقوله تعالى {ومن يهن الله فما له من مكرم} انتقلت تلك المصيبة كالعدوى الطائرة إلى رئيس موريتانيا آنذاك .
فقطر هي من أول دول الخليج فتحت سفارتها في موريتانيا لصالح موريتانيا وكانت تكتتب الشرطة من موريتانيا للعمل في دولة الإمارات لعدم سفارة لها هنا حتى أصبح يقال لدفعاتها شرطة قطر.
أما العمال من موريتانيا في أي مصلحة لا تحتاج للاكتتاب الجماعي فكل ما جاء إلى قطر ولو منفردا ترحب به وتوظفه كمواطن لها ، وقد قام أميرها الأب بزيارات لموريتانيا زيارة نفع وتمويل وإظهار شعور أخوي بين الشعبين ـ وكذلك فإن قطر أمرأتها الأولى آنذاك وأما الآن للأمراء هي الأميرة الوحيدة التي زارت موريتانيا لتدر عليها بسخاء المساعدات بكل أنواعها وليتعلم منها الموريتانيات كيف تتحرك النساء لخدمة الجميع، وقد قامت دولة قطر من المشاريع الإنسانية التي على رأسها (مستشفى حمد) في بوتلميت الذي لولا توفيق الله لقطر وموريتانيا ببنائه في موريتانيا على طريق الأمل التي أصبحت طريق القتل وأصبح هو مستشفى الحالات المستعجلة في الحوادث وهذا المستشفى المقطوع العلاقة مع بانيه ومموله هو الذي يتولى علاج الحوادث اليومية للشعب الموريتاني ـ ففعل القطيعة يلعن فاعلها عند كل حادثة ـ .
السيد/ وزير الخارجية أنتم كنتم من موظفي الأمم المتحدة وتدركون أخلاق العلاقات الممتازة التي على الدول أن تكون هي أخلاقها فكيف تصف لنا الصاعقة التي نزلت عليكم وعلى كل موريتاني له قلب سليم عندما تم ذلك القطع الفرعوني، بمجرد طلب يظهر أن الله لم يجعل لأهله حظا في الآخرة فاستضعفونا نحن الموريتانيين عن طريق معرفتهم لصاحبنا وطلبوا منه هذا القطع العاري من كل أسبابه إلا سبب ادعاء فقرنا واحتياجنا مثل جيبوت وارتريا إلى آخره ، ويضاف إلى ذلك استئصال جميع الإسلام السني قبل البدعي الخارجي المتخصص في سفك دماء الأبرياء .
فجاء صاحبهم من عند زيارتهم وهو رئيسنا آنذاك مع الأسف يكرر هؤلاء أمثالهم ضربوا الدول وقتلوا الشعوب وهم قتلة إلى آخره .
وقد ظهر هنا جليا أن رئيسنا لم يقرأ ـ شروط القياس ـ فالأصل غير موجود والفرع كذلك والعلة الجامعة لم يخلقها الله فما يقال له إسلاميو موريتانيا لا يفكر أحدهم إلا في درهم لمعاشه أو حسنة لميعاده ـ مع أن الاسم محرف فإسلاميو موريتانيا كل الشعب الموريتاني ـ اللهم إلا إذا جعل تصور هذه الإضافة فقط ثمنا لفعل فاحشة الربا التي يحارب الله من فعلها .
السيد / وزير الخارجية إن مراجعة تلك القطيعة كان عليكم أن تطلبوا من هذا الرئيس الحالي الذي بدأ يدخل نواكشوط فاتحا وفيها أكثر من ألف صنم يعبد بالتذلل والخشوع ، كان عليكم أن يكون أول ـ هبل ـ مقطوع عنقه بإرجاع تلك العلاقة مع قطر والاعتذار للشعب الموريتاني عن الافتيات عليه في هذا القطع كما افتات عليه الرئيس معاوية بفتحه سفارة لأشد الناس عداوة للإسلام بين مسلمين هم أشد عداوة من بين العرب والمسلمين لليهود .
كما عليه أن يطلب من قطر أن تغطي بصرها عن سوآتنا فعند شعبنا ولله الحمد من التقوى ما يستحق به ذلك كما قال تعالى {يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير}.
وملخص ما يعني وزارة الخارجية من هذه الثورة أن يقوم الوزير باستدعاء سفراء موريتانيا لعقد مؤتمر لهم في نواكشوط وتؤكد لهم أنهم ليسوا سفراء لملك ولا أمير ولا دكتاتور ولكن سفراء لشعب بأكمله سواسية في رعاية مصالحه، وفي نفس الوقت يعلن للشعب الموريتاني بإرجاع تلك العلاقة بعروة بيضاء بدل قطعها بسكين سوداء .
ومن هنا نصل إلى وزارة سيادة أخرى: ألا وهي وزارة العدل الذي هو أساس الملك والحكمة كما صرح الله بذلك لداوود على نبينا وعليه السلام {وقـتل داوود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه من ما يشاء}.
فمن المعلوم عند الجميع أن وزارة العدل هي المسؤولة عن الجريمة بعد وقوعها وهي هنا مطلوقة اليد في معاملة المجرم لأنه لا يصلها إلا بعد إجرامه والله يقول لها هنا{ولا تاخذكم بهما رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر}.
فمن المفارقات أن يكون سجن مجرمي الحق العام في أقصى البلاد ويكون مجرمي القتل والجروح والسرقة والاغتصاب إلى جوار ضحاياهم ومع أقاربهم وذويهم الذين تربوا بين أيديهم على كل الجرائم المختلفة فكان على وزير العدل بعد يوم من تعيينه أن يطلع على أكبر إعانة لمجرمي فاسدي الأخلاق وهي وضع سجنهم داخل العاصمة تقريبا ويكون أول ثورة له هو الاقتراح الذي يظهر فيه قمة الإصلاح ألا وهو نقل جميع مجرمي الأخلاق السيئة إلى أطراف البلاد وفي نفس الوقت إرسال بعثة إرشاد وتربية تعيدهم رجالا صالحين للمساهمة في حياة المجتمع لا مثل سبعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
كما أن على السيد/ وزير العدل أن ينظر بجميع جوارحه الأحكام التي تصدر في زمنه أو قبله فيسأل نفسه عن مرجعيتها قبل أن يسأل عنها غدا لأنه لا تدارك فيه ولكن لإقامة الحجة بين يدي الحكم العدل فإذا كانت مرجعيتها خارج النصوص القانونية الجنائية المكتوبة كقانون لموريتانيا فإن استئنافها أو تعقيبها يكون من الآن قبل أن يأتي يوم لا معقب لحكمه ،وإذا كانت طبق ذلك القانون الذي تفضل الله به على هذا الشعب يوم ترأسه من يخاف الله يوم الحساب وأمر علماء المسلمين في موريتانيا آنذاك قائلا هذه الكلمة الخفيفة في الدنيا الذهبية الثـقيلة الوزن يوم القيامة(كل مسألة كتبتموها لي أن هذا هو حكم الإسلام في هذا الشعب أوقع لكم عليها كقانون لموريتانيا) فهنيئا للرئيس هيدالة بهذه الكلمة يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا، وهنيئا للشعب الموريتاني بالقانون الجنائي الإسلامي وهنيئا لوزير عدل حول مسؤولية تنفيذ أحكام الله على عباد الله فوق أرض الله علنا إلى الرئيس الذي مكن الله له في الأرض.
وعلى هذا الأخير أن يستمع بعناية فائقة إلى قوله تعالى {يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب }. يـتـبع: