كلمة الإصلاح ترى أنها في هذه الآونة اعطاها الله فرصة ـ وسوف تنتهزها ـ ألا وهي اجتماع العلماء الأفارقة الذي دعا له علامتنا نحن الموريتانيين جميعا وفخر قطرنا الشنقيطي أمام العالم، ولا شك أن الذي دعاكم له هو ذلك الخطب الجلل السائد في كثير من أقطار المسلمين ألا وهو قتل أرواح المسلمين الأبرياء تارة يقتل بعضهم بعضا وتارة قتل المسلمين بيد اعداء الله الأقوياء من غير المسلمين وتارة قتل المسلمين لشعوبهم بما فيهم الأبرياء سياسيا من غير إلفات نظر المسلمين إلى أن قتل المسلم هو أعظم جريمة يتحملها المسلم لليوم العظيم {يوم يقوم الناس لرب العالمين}، فإذا كان المولي عز وجل قد وعد المطفف للكيل والوزن وعدا تهديديا بقوله تعالى: {ويل للمطففين} إلى قوله تعالى {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين} فما بالكم بمن يقتل الأنفس أو يرسل أو يساهم في قتلها!.
فالعالم الآن عندما يريد أن يحدد أي دين يقع فيه القتل أكثر فإن كلمة أكثر لا نحتاج لها لأن الدين المنحصر فيه القتل الآن هو الدين الإسلامي، واذا سئل هذا العالم أين المقتولين؟ ومن قتلهم؟ فإن الاجابة على هذا السؤال تكون كما يلي :
أولا: المقتولون هم شباب من المسلمين في غرب إفريقيا وشرقها وفي دول الشرق الأوسط اعتنقوا أفكارا لم يجدوا أي دولة اسلامية تستدعيهم آمنين للحوار معهم، مهما طال زمن الحوار أو تشعب ما دام هذا الحوار حاقنا لدماء المسلمين، وطرفاه يتناقشان في سلوك الطريق المستقيم التي يرضي عنها الإسلام، بل الواقع أن دول الاسلام استدعت امريكا وفرنسا لتضرب الأولي طالبان في أفغانستان فوق أرضهم والقاعدة سواء اليمنيين منها أو الصوماليين فوق أرضهما وفرنسا لتضربهم في غرب إفريقيا أو الروس لتضرب السوريين فوق أرضهم وجميع الأوربيين بما فيهم أمريكا لتضرب المسلمين فوق أرض العراق وسوريا إلى آخر قتل أعداء الله للمسلمين فوق أرضهم بدعوى أنهم جميعا إرهابيون، هذا من جهة قتل أعداء الله للمسلمين، أما من جهة قتل المسلمين للمسلمين فإن القاتل هو دولة مصر والإمارات والسعودية والمقتول هم المسلمون في مصر واليمن والسعودية وليبيا وكذلك نيجيريا والصومال، فدولة مصر أفرزت أكثر من نصف شعبها وجعلته أعداء تقتله حيث ما وجد ولو بالسجون، والامارات والسعودية ألزمتا نفسيهما بقتل كل مسلم سمى نفسه بالمسلمين سواء كان في اليمن فقتله مقدم علي الحوثيين الشيعيين أو في ليبيا إلى آخره، هذا القتل المشار إليه كله والذي لا شك سيثار بعضه دون بعض، قد قام هذا العلامة عبد الله بن بي حفظه الله وأطال عمره بمحاولة أو محاولات لحقن الدماء في بعضه وهو ما تقتله أوربا أو ما يتقاتل بعضه مع بعض في دول الشرق الأوسط وإفريقيا بسبب الأفكار المتطرفة، ونظرا إلى وسع معارف العلامة عبد الله بن بي وتأصيلها وقوة حجتها، فقد ألف كثيرا من الكتب الموضحة للموضوع، وقام بكثير من الزيارات لشرح موضوع كتبه، وقد أثار كثيرا من خصائص الإسلام ورحمته بالجميع إلى آخر ما ستسمعون أيها العلماء الأفارقة من الجهد الذي بذله هذا العلامة لحقن دماء المسلمين في العالم وإظهار نقاء الإسلام وتبرئته من وظيفة القتل لأي كان وطلبه لحسن الجوار ومحافظته كأبنائه على كل داخل حماه، ولكن أيها العلماء الأفارقة انتبهوا إلى أن المطلوب منكم الآن أن تفعلوه هو ما لم ينتبه له العلامة أو انتبه له ولم يجد له معينا، ألا وهو استدعاء الخصماء على مائدة واحدة وفي بلد آمن ليدلي كل منهما بحجته ومناقشة هذه الحجج على ضوء الشريعة الإسلامية، فالشيخ أعانه الله علي جميع الجهود التي بذلها من نشر لكتبه ومحاضراته قام بها في أمريكا والدول الأوربية ولم ينشأ عن ذلك إلا استحسان هذه الأفكار الإسلامية المسالمة فقط من طرف أمريكا وأوربا، أما الدول العربية التي يحاضر هو فيها فهي التي تقاتل المسلمين أينما وجدوا حتى صار هذا القتل بالنسبة لهم عقيدة، وسوف لا يلتفتون إلى توجيهات العلامة ولو كانوا هم راضين عنه هو شخصيا لعدم وقوفه أمام قتلهم وسجنهم وتعذيبهم للمسلمين حتى الموت في السجون، فمسؤولية الآخرة عن قضايا قتل المسلمين قد قضى الله بعدله وجعل في قدره أنه لا يعاجل بالعقوبة ليقين وقوعها وشدتها لمن أراد الله أن يوقعها عليه وآيات أصحاب الأخدود توضح ذلك من بشاعة القتل وحضور القاتل يتلذذ وينشرح صدره بقتل المسلمين حرقا، وإظهار القرآن أن لا جريمة لهم إلا شدة تمسكم بإيمانهم ومع ذلك يقول لهم المولي عز وجل إنهم إن لم يتوبوا {فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق}، بمعني أنهم إن تابوا تاب الله عليهم، أما دولنا نحن المسلمين التي تمارس القتل الآن فلا يسمع فيها أحد أنها جاعلة هذا القتل في خانة القتل العمد العدواني بدون أي مبررات وسيبدي لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون، إذا والحالة هذه فما المطلوب؟
فأنا أقول إنه ما دامت يد أوريا وأمريكا والروس مطلقة في قتل شباب المسلمين فسوف يقوم الشباب بمحاولة قتلهم أينما كانوا، فإن أحسن موقف لهؤلاء العلماء أن يصدروا ميثاقا يسمي "ميثاق العلماء الإسلاميين الأفارقة المجتمعين في نواكشوط في الجمهورية الإسلامية الموريتانية"، ويحمل هذه النداءات التالية :
أولا: أيها الأمريكيون أيها الأوربيون توقفوا عن قتل أبناء المسلمين فوق أرض المسلمين، فمنظمة القاعدة وداعش وبوكو حرام وغير ذلك من المنظمات المتطرفة بأفكارها التي تدعي إسلاميتها من أبناء المسلمين وفوق أرض المسلمين، فاتركوا دول المسلمين فعندهم في تشريع دينهم ما يصدهم عن الأفكار التي يحملونها، وفي دينهم كذلك موضح ما يفعل بالممتنع عن التوقف عن محاربة الله ورسوله بقتل المسلمين أو الفساد في الأرض.
ثانيا: النداء لجميع هذه المنظمات أن ترسل ممثلين عنها إلى اجتماع آمن في بلد مسلم مع علماء المسلمين لمناقشة ما على الدولة الإسلامية أن تكون عليه سياستها وكامل حياتها في الإسلام وما على جميع مواطنيها أن تكون حياتهم داخلها، هذه هي الحلقة المفقودة كانت من مجهودات العلامة عبد الله بن بي، فهو حفظه الله كان يقف فوق أرض القاتل في أمريكا وأوربا والدول العربية يبين من فوقها للمقتول سماحة الاسلام ورأفته واتساع خلق معتنقيه بالجميع، وذلك لا يرد تلك الدول عن القتل على غير أراضيها.
ثالثا: يمكن لكل دولة أن تقوم هي نفسها بهذه الدعوة وتستدعي بأمان كل الخارجين عليها ويمكن أن تستدعي هي علماء من خارجها للمناقشة مع أبنائها المتطرفين، ولا ينتهي هذا الاجتماع إلا بالموافقة السلمية تحت حكم الإسلام في دولة الإسلام.
رابعا: أن يكون في الميثاق أيضا نداء للدول العربية التي تقتل شعبها داخليا وخارجيا أنه توجد مندوحة دون قتل المسلمين، فعلي السعودية مثلا بدلا من أن تسجن علماءها حتى يموت بعضهم في السجن أن تتفاوض معهم حتي يقتنعوا أو تستمر المناقشة مع بقائهم أحياء وكذلك مصر والإمارات والصومال إلى آخره.
أيها العلماء إذا كان استدعاؤكم لهذا النوع من التفكير فنعما هو، وإذا كان لمجرد تأكيد صحة ما يقوم به العلامة عبد الله بن بي في كتبه وفي جولاته فهو صحيح لا يحتاج لتوكيدكم له، فهو مؤصل ممن له معرفة وذكاء خارقين أدام الله له تلك الخصوصيات، ولكن النتيجة كانت سلبية لعدم حضور الخصم وإشراكه فيما هو طرف فيه، فقد جاء في إحدى تفسيرات فتنة داوود عليه وعلي نبينا أفضل الصلاة والسلام التي جاء ذكرها في كتاب الله أن فتنة الله له كانت لعدم انتظاره لما عند الخصم بل قال للمدعي عند انتهاء دعواه، لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه، فكذلك الشيخ العلامة عبد الله بن بي كان يسمع إرشاداته للقاتل فقط، والآن عليه وعلى العلماء الأفارقة أن يقولوا لهؤلاء القتلة الأوربيين والمسلمين ما خوفهم الله به في كتابه العزيز في قوله تعالي: {أولم ينظروا في ملكوت السموات والأرض وما خلق الله من شيء وأن عسي أن يكون قد اقترب أجلهم فبأي حديث بعده يومنون}.