كلمة الإصلاح ترى أن عليها أن تنتهز الفرصة في هذه الآونة التي تسَير فيها دولتنا من طرف هذا الرجل الذي نرجو له من الله التوفيق والسداد والعون في كل إرادة له يرضي عنها ربه لتكون له قوة في الدنيا وذخرا في الآخرة.
والفرصة المنتهزة هنا هي أن نشرح لهذا الرئيس المؤمن بإذن الله ما يراه العالم الآن وخاصة المسلمين منهم من الذل والهوان الذي أصاب العرب بعد ابتعادهم عن الإسلام من جهة وفقدانهم لزعمائهم الذين ترأسوا عليهم في العقود الأخيرة: جمال عبد الناصر وصدام حسين وزايد بن سلطان آل نهيان.
ومعني ذلك أنه علي أن أشرح للقارئ الكريم كيف اجتمع للعرب الآن الإعراض عن الإسلام وفقدان أولئك الزعماء ليكون ذلك سببا فيما أصاب العرب من التبعية المذلة لأعداء الإسلام والعروبة حتى أصبحوا في ذيل المجتمعات لا يعرفون إلا البحث عن جيوب زعماء العالم ليحولوا لأولئك الزعماء قوت شعوبهم الذي أعطاه الله لحفظ حياة الشعوب فوق أرضها.
ولإيضاح الموضوع فإنني ولله الحمد أحمل عقيدة أرجو أن ألقى الله بها وتكون مقبولة عنده، وعقيدتي هذه بالنظر إلى الساحة الوطنية لها خصائص قل من يحملها معي هنا، وهي مأخوذة من صميم الإسلام ولا شيء غير الإسلام ونوجزها فيما يلي:
أولا: أحمد الله الذي تفضل علي حيث رسخ في قلبي الواقع المفروض من الله على الإنسان وهو اليقين الكامل، وأرجو الله أن يجعل عملي في الدنيا تابعا لهذه العقيدة أن وجود هذا الانسان في هذه الدنيا محدد وقصير، وبعد هذا الوجود مباشرة تبدأ معاملته مهما كان عمله في الحياة اليومية، إما بالرحمة الهنيئة المخلدة معه، ولا تشبه هذه الحياة الهنيئة في الاخرة بحياة الدنيا إلا في المسميات، وإما عذاب أبدي ولا يشبهه عذاب في الدنيا إلا بالمسميات أيضا.
وبناء على هذه العقيدة فإني أحب كل مسلم مات على إسلامه في أي بقعة من العالم، وأبغض كل منحرف عن الإسلام، فإذا كان الانحراف معصية مع الإسلام فإني لا أبغض إلا معصيته وأرجو له من الله إن كان مات العفو والصفح عنه، وإن كان حيا أرجو له من الله توبة نصوحا، وإن كان الانحراف شركا أو كفرا ومات عليه فنتيقن أنه ممن خلقه الله ليكون حطبا لجهنم ولا مبدل لكلماته.
ثانيا: إلى جانب هذه العقيدة الإسلامية فإن إسلاميتها داخل فيها حب واعتزاز لهذه السلالة العربية من البشر، فأحبها داخل العقيدة مثل حب المرء لأقاربه وعشيرته داخل الإسلام إلا أني أقول في ذلك ما قاله النبي صلي الله عليه وسلم في حبه للبعض داخل شخصيته النبوية: "اللهم إني أطعتك فيما أملك فلا تؤاخذني بما لا أملك"، فهذا الحب تغذيه عقيدة إسلامية جاء بها اختيار الله جل وجلاله لهذه السلالة العربية التي خصها بكثير من الخصائص والمعروف أن الله يصطفي اصطفاء مكتوبا في أم الكتاب لبعض خلقه من الأشخاص والعوائل والجنس يقول تعالى: {إن الله اصطفي آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران على العلمين} ويقول {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} إلى آخر الآية، فكذلك في عقيدتي أن اختيار الله للعرب الفقراء الأميين البدويين في الأزل بهذه الخصائص دون البشر الغني المتحضر له دلالة بعيدة عن الصدفة، فمن وفقه الله منهم للعمل في الدنيا بما يرضي الله فهم المصطفين الأخيار في الدنيا والآخرة ومن لم يوفقه الله منهم لذلك فهو المصطفى في الدنيا بالسلالة المعذب في الآخرة مع حزبه الشيطاني الذي اختار الحياة في تبعيته يقول تعالى: {وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون}.
أما الخصائص التي اختار الله العرب بها فمنها ما يلي:
1. اختار وسط أرض العرب ليأمر ملائكته ببناء بيته المحرم أي المقدس، وكان العرب وهم في الجاهلية يطوفون به كما أمر الله المسلمين بالطواف به بعد الرسالة، فلم يأمر ببناء ي بيت خاص يطاف به في بلد أي نبي آخر غير النبي العربي محمد صلي الله عليه وسلم.
2. اختارهم بهذه الرسالة لتكون هي الرسالة الأخيرة من السماء إلى الأرض للجميع، فلم يأمر الله العرب في أي وحي أن يتبعوا غير هذه الرسالة التي يحملها إلي العالم رجل عربي إلى آخر الدنيا مع أمره لجميع الشعوب إذا لم يتبعوا هذا النبي العربي الأمي فهم خاسرون دنيا وأخري.
3. وهي من الخصائص العظمي فإن وجود كلام الله مباشرة بلغة العرب إلى الأمة العربية سلسلته بين الله والعرب جبريل وحده، وفي هذا الكلام يقص الله فيه على الأمة العربية بلغتها لتترجمه للعالم خبر كل أصل هذا الانسان والكون والجمادات وما في الكون كله مبدأه ومنتهاه وما سيكون في الآخرة، وكل هذا أوحى الله به لنبيه العربي ليبلغه للناس.
وعلى كل حال، فإن هذا المقال لا يتسع لكل الاستدلال على اختيار الله لهذه الأمة العربية في الدنيا، وبناء على ذلك ووصولا لما نريد قوله من مصيبة العرب من الذل والخنوع والهوان لنسمعها لهذا الشعب الموريتاني كله وعلى رأسه رئيس الدولة العدل المتزن في تفكيره بعون الله، أن هناك أوصافا عليا لهذا الانسان وأوصافا سفلى له أيضا، والاسلام يمدح الأوصاف العليا الصادرة من أي شخص ويذم الأوصاف السفلى كذلك، وربما كان اختيار العرب وخصوصيتهم بالخصائص العليا هي التي أورثتهم اكتساب تلك الخصائص من الله فهو يحب معالي الأمور ويكره سفسافها، فالعزة والكبرياء على غير الله والإباء والشجاعة والوفاء بالعهد إلى آخره، هذه خصائص تميزت بها هذه السلالة العربية، فالنبي صلي الله عليه وسلم كرم أولاد أصحاب هذه الصفات في الجاهلية مثل قصته مع بنت حاتم، أما الجبن والهوان وذل التبعية للغير فهي أوصاف مبغوضة عند الله وعند البشر، هذه الأوصاف العليا قد اختار لها الله في العقود الماضية زعماء عرب عاشت في سمعتهم هذه الأمة عقودا من الزمن تقَوي بزعامتهم ضعفاء هذه الأمة وخاف بها أعداؤها.
فجمال عبد الناصر والشهيد صدام حسين وزايد بن سلطان هؤلاء كانوا عمالقة الصفات العليا بين صفات العرب قربوا القريب وأخافوا العدو، ونحن هنا في موريتانيا لن ننسي لصدام حسين إعانتنا لنكون الآن موجودين على الخريطة، ولا شك أن التعلق بهم من كثير من الموريتانيين رجالا ونساء من جانب عروبتهم وصفاتهم كان في محله، أما ما لم يكن في محله فهو كره الناصريين والبعثيين للملقبين بالإسلاميين في موريتانيا والعكس صحيح، فاختلاف هؤلاء الزعماء العرب مع شعوبهم في قضية الاسلام بالنسبة لجمال وصدام، فإن الاسلام يُفصل في كره المؤمن العاصي في نظر المسلم، فيطلب له الهداية والرجوع عن معصيته بدل كره شخصه، ويطلب لخصمه هناك الصبر والثبات من الله عل الحق، أما صقر الصحراء زايد بن سلطان فكان السند الأقوى للإسلام والمسلمين، فلم يستطع في زمنه صاحب أي فكرة مناهضة للمسلمين أن يتجرأ أن ينبس ببنت شفة ضد المسلمين ولا أن يعين أعداء الإسلام.
إلا أنه مع الأسف خلف من بعد أولئك الزعماء خلف أضاعوا كل القيم العربية والإسلامية وانحازوا مع الأسف إلى أخس خلق الله فوق الأرض الآن باتفاق العالم اترامب – كوشنير – نتنياهو، إلى آخر نصيب الشيطان من البشر، ومعلوم أن لباس بعض الصفات يستدعي نزع ضدها، فقبل يوم قريب كان زعيم الإسلام الآن بتوفيق الله أردوغان وعدو الله والانسانية قاتل نساء المسلمين والعرب حيث ما كانوا "بوتين" يتفاوضان، الأول يريد إيقاف القتال والآخر كان يريد استمراره فوق أرض العرب وبيده هو في ليبيا وسوريا، وهذا في ساعة واحدة، وكأن العرب كلهم موتى أحياء فوق أرضهم، والمبكي المميت هو أن القتال فوق أرض العرب والمسلمين، والمقتول ومرسل السلاح لقتل نساء العرب وأطفالها عربي، بمعني قتل العبث للعبث فقط، والذي لا يريد إلا وقف القتال لكثرة ما يتحمل من عبء اللاجئين لأجله من النساء والأطفال يطالب بعض الموريتانيين بالوقوف ضده، لصالح قاتل النساء والأطفال، فأي الفريقين – يا أهل العقول السليمة – أحق بطلب الاعانة والتوفيق من الله.
والآن أعود لتوضيح ما أًصاب العرب من الذل والهوان بعد أولئك الزعماء الذين شارك بعض هؤلاء الخلفاء غير الراشدين في قتلهم ليصحوا لهم الجو الآن في خلق أسوء وصف يكون فيه العرب، وهم يتساقطون مثل الذباب على جيف المقدمة من طرف الأعداء الإسرائليين والأمريكيين، فعقدوا لهم مؤتمرات داخل الوطن الإسلامي العربي ليعلنوا لهم الولاء المطلق، وليطلبوا منهم فتح جيوبهم ليملئوها، ليتركوا بينهم وبين شيئين: المسلمين، وقضية فلسطين، الأول لسجنه وقتله أين ما وجد، والآخر للاعتراف بها لإسرائيل واعطاء البلاد الفلسطينية المقدسة الإسلامية لإسرائيل، والصراط غير المستقيم المسلوك لذلك: أمريكا – اترامب – كوشنير – بومبيو.
ونظرا لهذه الحقائق فإني أظن أن إشادة الموريتانيين القوميين بالعرب المشرقيين لم يبق لها هدف تصيبه، اللهم إلا إذا كان بضربة قاتلة جراء الذل والهوان وبيع الأراضي المقدسة للقذارة الإنسانية الموجودة الآن فوق الأرض: الثلاثي المشؤوم أعلاه.
أما المغرب العربي فمع الأسف اكتفت أقوى دولتين فيه بما يفعل الأسود الأقوياء كل ينظر إلى الآخر، لا يستطيع الالتفات عنه حتى لا ينقض عليه ولمدة أربعين سنة، والضحية في هذا العداء هو شمالنا نحن الشناقطة لا للمغرب ولا للجزائر، إلا إذا كنا جميعا في اتحاد شامل معهما، ولو تركتنا الجزائر أصلا لكنا تفاهمنا بوادينا الذهبي مع المغرب في شأن ساقيتنا الحمراء، فالجميع منا ونحن منهم والله غالب علي أمره، وفي الأخير فأعود إلي رأس هذا المقال لأقول للسيد الرئيس ما قاله الشعب الموريتاني لوزير الصحة الحالي "نذيرو لا اتولي" فكذلك يقول لكم الشعب الموريتاني "السيد غزواني لا اتولي"، فإن خطابكم الترشحي وخطابكم التسلمي وما فعلتم بعد ذلك يجعلكم عند الشعب الموريتاني محصنين لما وراء الزيارة والمادة والكلام الديماغوجي الذي لا يأذن الله له في الصعود إليه، فالله تبارك وتعالي لا يصعد إليه إلا الكلم الطيب يقول تعالي {إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه}.