كلمة الإصلاح تكتب مقالها هذا وهي متأثرة (بشارة) بكثرة الكتاب والمدونين وجميع طبقات الشعب تقريبا الذين أثنوا بحماسة وإخلاص علي خطاب رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني الأخير الذي بين فيه مساعدات الدولة للطبقات الهشة.
وقطعا هذا الثناء يظهر أنه ليس نفاقا ولا تملقا، فهو يدخل قلب القارئ وذلك معناه أنه خرج من قلب القائل، ولكن المسلم عندما يسمع الثناء على أي مسلم آخر، وكان السامع مخلصا في إسلامه، يتذكر أن الثناء المستحق حقا هو على ذلك العمل الذي يزحزح المسلم عن النار ويدخله الجنة، وعليه فإنني أنا أيضا سوف أدلي بدلوي في هذا الثناء، ولكن مع شرح أسبابه وبعد ذلك طلب اتخاذ اتجاهين لثبات هذا الثناء من أهل الدنيا من جهة، والثاني للرجاء الدائم لصاحبه للتزحزح عن النار ودخول الجنة.
ولنبدأ بأسباب الثناء لنقول إنه من سعادة المرء أن يخلف في العمل شخصا لم تكن الناس تثني عليه، فإذا كانت الناس تثني على السابق فإن علي اللاحق أن يبحث عن محاولة مجاوزة الأول أو على الأقل التساوي معه، وهذا السابق لهذا الرئيس بالرغم من أنه بدأ بروح عسكرية يظهر لأول وهلة أنها إصلاحية، إلا أن العشر سنين لم تنته حتى تحولت موريتانيا كلها بورصة تتجول بأسهمها في الأسواق طلبا للربح، أما الشعب فقد اتجه به إلى طريق بوش، من ليس معنا فهو ضدنا، وعندما انتهت السنين العشر الطوال طول ليل الصب، "كأنها نجومه شدت بيذبل" جاء ولله الحمد هذا الرجل الذي أرسل قبله يوم 01/03/2019 خطابا يحمل بروق آمال ما جاء فاتح أغشت حتى أمطرت سحاب تلك البروق بأفاويق تلك التعهدات التي حملها الخطاب معه شارحا معرفة صاحبه لما في الوفاء بالعهد، كما قال تعالي: ﴿وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا﴾، فالأول من تلك التعهدات، اكتساح طريق بوش بجرافات النداء لمن كان بعيدا، والاتصال المباشر بمن كان يتطاول على رؤوس الأصابع في وطنه ليرى شيئا عن الدولة، ولكن الغيم الكثيف لا رؤية معه لأي شيء، فانكشفت الحجوبات بين الرئيس المواطن والمواطنون الخارجون من سجن الوطن، والعائدون من منفى من يحكم الوطن، وأصبحت كل عين – أي عين - ترى ما في الوطن، وكل أذن - أي أذن – تسمع ما يجري في الوطن، وأصبح المواطن الكيس المعتدل القريب (البعيد من قبل) يهذي تلقائيا بما سمعه الجميع من الثناء المتدفق من سماع الأقوال ورؤية الأفعال في آن واحد، فهذه الصورة النموذجية التي تشكلت من هذا المنظر القولي الفعلي هي التي يعنيها المولي عز وجل بقوله تعالي مخاطبا المؤمنين: ﴿يا أيها الذين اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهدون﴾ هاتان الآيتان لم أستطع الوقوف وسطهما لتتابع قصفهما لمشاعر المسلمين، لتتبصر معالم سلوك الطريق المستقيم، وبناء على ذلك فإني أبدأ بالآية الأولى لنتوجه أنا وهي إلى سيادة رئيس الجمهورية لنقف جميعا عند قوله تعالى بعد ندائه للمؤمنين: ﴿اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون﴾ ولنقول إن تيقن وفاة الشخص في الإسلام وهو على صفة التقى الحق، هو أكبر سبب للفوز في الآخرة بالتزحزح عن النار ودخول الجنة، فالذي أمر الله أن يتقى فيه واضح، ولا يمثله سلوك المدنية حالا بفصل الدين عن الدنيا في الدنيا، لأنه في الآخرة سيجمع الله السؤال عنهما في حديث النبي صلي الله عليه وسلم: "عن شبابك فيم أبليته.."، وباختصار عن قضية تقوى الله حق تقاته: السير في طريق الأبرار ومع الأبرار والابتعاد عن طريق الأشرار ومعاملة الأشرار، والبر كل فعل يرضي الله، والشر كل فعل نهى الله عنه ، وهؤلاء الأبرار، سواء كانوا مواطنين أو أجانب، وكذلك الأشرار سواء كانوا مواطنين أو أجانب، والسير في هذين الطريقين المختلفين في النتيجة، الله هو المقدر للسلوك فيهما: لا المجاملات ولا العادات ولا إفرازات السياسية إلى آخره، فقرين السوء من الشياطين هو الذي يزين المعاملة مع قرين السوء من الإنس، وفي يوم القيامة يقول كل واحد من الثلاثة للآخرين: ﴿يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين﴾.
ومعني هذه الأسطر أعلاه أنه يظهر أن فخامة الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني قد نجح في ما بينه وبين الناس بمصالحة الرئاسة كمؤسسة للجميع، وبين المواطنين كأشخاص تابعين لهذه الرئاسة، التي نجحت لقيادة هذا الوطن، وقد ظهر ذلك في الأشهر الماضية القليلة من الحكم، وذلك باتفاق الجميع على الثناء من غير تملق ولا نفاق، وبقي من صلاح الدنيا تيقن صلاح الآخرة، وهو أن ينجح الرئيس في المعاملة فيما بينه وبين الله، ومنه ما تقدم وهو التصالح مع المواطنين، ولكن من أهمه أن يجعل عمله في الرئاسة في ما بينه وبين نفسه، ومن معاملة نفسه في ما بينه وبين الله استحضار أوامر الله دائما في كل عمل يقوم به داخليا، أي في معاملة خاصة بينه وبين فرد من المواطنين، في أن تبني تلك الخاصة على أوامر الله في الموضوع، غنيا هذا المواطن أو فقيرا كما قال تعالى: ﴿يا أيها الذين ءامنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو علي أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولي بهما فلا تتبعوا الهوي أن تعدلوا ، وان تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا﴾ أما المعاملة مع الأجانب فهي أحوج لاستحضار أوامر الله فيها لأنها مظنة عدم السؤال عن تلك المعاملة غدا بين يدي الله ، مع أن الله يقول لكل إنسان: ﴿وما تكون في شأن وما تتلو منه من قرآن ولا تعملون من عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه﴾.
هذا هو الرأي في الاتجاه الأول الذي حملنا الرسول صلي الله عليه وسلم النصيحة فيه لغيرنا، والأول منهم أولوا الأمر، وعلي رأسهم طبعا رئيس الجمهورية، فمن تراه في الدنيا واقفا على قمتها وينظر إلي باقيها من أعلي نافذة، وأنت تعرف أنه يسير بعد ذلك إلى خزي الدنيا وعذاب الآخرة، فإن نظرتك إليه في الدنيا سوف تكون بمؤخر بصرك، ولذا قال الله هذه العبارة لأهل الدنيا: ﴿فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز﴾.
أما الاتجاه الثاني الذي أنصح به هذا الرئيس ليتم الفوز أولا عند الله، وثانيا عند الشعب، هو أنه عندما ينتهي حصار هذا الوباء، ويرفع على كل شبر من الوطن الراية الخضراء، مكتوبا عليها وكفى الله المؤمنين مكافحة الكورونا، فيعلن عندئذ إعلانا قد قاله النبي صلي الله عليه وسلم بعد غزوة أحد، بعدما وقع فيها للمسلمين من قتل أعداء الله لهم، فأعلن النبي صلي الله عليه وسلم عدم انتهاء الحرب، وأمرهم بأن لا ينزع أي مجاهد لامة الحرب حتى يحصل النصر، وأمر أن لا يقاتل معهم في المستقبل القريب إلا المقاتلين الذين كانوا معه في غزوة أحد، ليعلم المشركون أن قناة المجاهدين لا يلينها كثرة القتل فيهم، فهم دائما أشداء على الكفار رحماء بينهم، إلا أن اتجاه هذا الدولة بهذا العزم والحزم يكون منصبا لاجتثاث اللصوص من جميع التراب الوطني، فالعشرة السنين الطوال الماضية ولدت في أولها اللصوصية بجميع أجناسها قتلا بالسلاح الأبيض، وغصبا للنساء والأموال، وسرقة بالتحايل والختل، وبجميع السرقات الموصوفة والمشددة للعقوبة، وهذه اللصوصية بعد ولادتها صارت فيروسا قاتلا، سكن في الأحياء الشعبية، وترعرع وشب وبلغ الأشد إلى آخره، بدون أي ردع ينهيه.
وأفتح هنا قوسا بأن الله كتب له عقوبة وأثبتها في كتابه العزيز، وأنا أتعجب من الشجاعة الدنيوية للرؤساء المسلمين الذين مكن الله لهم في الأرض، وذهبوا إليه ولم يقيموا حدا واحدا من حدوده، وليس لي ما أقول في الموضوع إلا أنني أحمد الله أني لست منهم ولا أرضي صنعهم هذا، وأعود لقضية اللصوصية لأقول أن على الدولة أن تحاصرهم من بيت إلى بيت قبل نزع حالة الطوارئ الآن، وتحجزهم جميعا دون الجرائم الأخرى، وتجعلهم في سجن خاص موزع بين: ولاته – تيشيت – بير أم اكرين، وتتابع هناك تربيتهم من جديد، وإرشادهم وتهذيبهم حتى لا يعودون للمدن إلا وكل واحد منهم يصلح أن يكون إمام مسجد ملتزم، عالنا لتوبته على الملأ، فخطورتهم الآن أشد بكثير من خطورة كورونا، فكورونا مرضه بالتدرج، واللصوص بطشهم بالسكاكين والآلات القاتلة، ومجازاتهم حتى الآن عند الدولة هو سجنهم بجنب ضحاياهم، لإهانة قلوب الضحايا وليكونوا هم دائما قريبا من ذويهم للإحسان عليهم ﴿وهم علي ما يفعلون بالمؤمنين شهود﴾.