على مدار الساعة

للإصلاح كلمة تدعو الشعب للمطالبة بالكثير من اللجان البرلمانية

27 أغسطس, 2020 - 01:30
بقلم الأستاذ / محمد بن البار

كلمة الإصلاح لاحظت أن هذه النتيجة التي أسفر عنها تشكيل اللجنة البرلمانية لمكافحة الفساد ونهب أموال الدولة أصبحت هي أقصر طريق لإرجاع الدولة الموريتانية دولة ذات مصداقية تخولها أن تنمو وتتقدم طبقا لدستورها وقوانينها مثل الدول الأخرى، فموريتانيا من الانقلاب الأول سنة 1978 وهي تدار من قبل الأشخاص الذين ترأسوا عليها بدون مراعاة أي دستور ولا قانون، ولذا هدمت فيها كل المعايير المتعارف عليها عند الدول مثل احترام الدستور واكتتاب الموظفين حسب الشهادات والسيرة الذاتية التي يجعل عن طريقها الرجل المناسب في المكان المناسب حتى يشعر المواطن أن هناك ضمانا للمساواة الكاملة وأنه تابع لنظام دولة لا تابع لوساطة ولا لنفاق ولا تملق إلى آخر ما نعيشه على مرأى ومسمع من الجميع حتى أصبح وكأنه هو الحياة النافذة ولها الأصالة والتحكم في مستقبل كل موريتاني، فكم وقع ما يندى له جبين كل مواطن شريف لا حيلة له إلا شرف المعرفة ونزاهة الضمير، وكم حول من وظائف وجميع ما يتعلق بها ضمن هذه المعطيات البائسة الفقيرة من الأخلاق والمسؤولية.

 

وعليه فإننا سنحاول إبراز ملفات جعلتها هذه السياسة الانتقائية لا تلفت النظر لعدم مساسها بالقيادات المحظوظة لقربها من مصدر القرار سواء كان بالقرابة أو الرشوة من رجال الأعمال أو التملق أو النفاق من طرف السياسيين المبتذلة ضمائرهم والمصابة بتقديم روحها حول الارتزاق مهما كانت الاهانة فيه.

 

هذه الملفات سوف نسرد مسمياتها تباعا حسب ما تذكرنا منها، ونخصص لكل ملف مقالا لنستوعب ما أمكن من مظاهر مساوئه، ونعد بأننا كل ما تذكرنا ملفا مضاعا – وما أكثر ذلك – فسوف نضيفه للائحة بنفس وتيرة التعليق، وعليه فنرجو من الشعب الموريتاني أن يرفع نداء موحدا بين جميع طبقاته وموجها للسلطة التشريعية عن طريق السلطة التنفيذية التي أشارت حتى الآن بقضية نتيجة اللجنة البرلمانية أنها تريد إصلاح موريتانيا وإنقاذها من آثار لجنة الإنقاذ وما خلفت من تلك الآثار الهدامة حتى الآن، ويكون في صلب هذا النداء طلب تشكيل لجان برلمانية في كل دورة لتعيين ملف أو ملفات لمتابعتها بشأن إصلاحها وتعيين الفاعلين في فسادها لينالوا جزاءهم في تحييدهم لفعل الأصلح لموريتانيا في الملفات التي أسندت إليهم مباشرة الإشراف عليها وهنا نهنئ حتى الآن رئيس البرلمان الذي تماسك برباطة جأشه علي ترك لجنته البرلمانية تعمل بحرية على ما أحيل إليها من ملفات حتى كادت أن تصله هو مع أن مهمتها كانت تتعلق بأقرب المقربين إليه عرفا كما هو متعارف عليه عند الشعب.

 

وهذه عناوين الملفات المراد إحالتها إلي لجان برلمانية لإصلاحها:

أولا: ملف كثرة ما طرأ من الخوف والرعب بين المواطنين نتيجة التلصص بالاغتصاب والحرابة وربما الاختطاف إلى آخره.

 

ثانيا: ملف انتهاك الدستور ولاسيما في قضية اللغة العربية لتوضيح ما تعطيه دسترتها من وجوب العمل بها والضرب بيد من حديد على المخالف، ومن ذلك التعديل الماضي الذي ذهب بالنور الذي كان في الدستور "نشيد وعلم وغرفة ثانية" لإظهار نفاق وتملق فهم المادة التي استند إليها ذلك التعديل المادة: 38.

 

ثالثا: ملف الوحدة الوطنية التي فتح لأعدائها إباحة الارتزاق بها عن طريق زعزعتها ولم يقم أي أحد بضبطها لتكون موجهة لصالح الجميع.

 

رابعا: ملف إصلاح التعليم، فالمعروف أن تعليم كل بلد ينطلق من محيطه الثقافي الذي يكون الدستور قد نص على توجيهه، فهذا هو القاسم المشترك بين جميع أفراده الواجب على كل أحد الخضوع له، ولكل من أن أراد أن يكتسب ثقافة أخرى فله الحرية ولكن ليس عن طريق ميزانية الشعب التي يشترك فيها جميعا عن طريق توجيهات دستورية.

 

خامسا: ملف المسابقات، فليعلم الجميع أن لجنة المسابقات في العشرية الأخيرة أدمجت نتائجها من ضمن نتائج الحملة الانتخابية، ولذا فإن الناجحين في الكتابي دائما راسبين في الشفهي لأسباب سوف تشرح بإذن الله عندما تصل المقالات إليه.

 

سادسا: ملف مردودية كل مؤسسة تعمل في خيرات الشعب المشتركة في البر والبحر وشفافية أين تذهب تلك المردودية وما حجمها؟.

 

هذه الملفات سوف نفرد كما قلت أعلاه لكل واحد منها مقالا بإذن الله يوضح المطلوب فيها من لجنة البرلمان الوطنية.

 

والآن أعود للملف الأول في هذه السلسلة وهو ملف كثرة تفشي الرعب والخوف المفعلين بين المواطنين ولاسيما في الأحياء الشعبية الجامعة للمواطنين المحتاجين لخدمات الدولة.

 

هذه الظاهرة السيئة قد تعاون علي خلقها داخل المجتمع الذي كان جله تقريبا مثالا في العفاف والتعاطف والبعد عن التلصص جهتان: الرئاسة في العشرية، والقضاء.

 

فمن المعلوم أن دستور البلاد أسند وجوب السهر على استمرار السكينة والهدوء في البلاد إلى رئيس الدولة وأعطاه الدستور أعوانا لذلك وهم الإدارة الإقليمية: الوالي والحاكم، وجعل تحت تصرهم قوتين أمنيتين الشرطة داخل المدن والدرك خارجها، فماذا وقع؟

 

رئيس العشرية أولا صنف الإدارة الإقليمية ضمن المفسدين في التصرف في المهام المسندة إليها ونزع منها تقريبا صلاحية مباشرتها لمشاكل المواطنين، أما أعوانها فالشرطة منهم بالذات بسبب مشكلة قد وقعت معهم قديما في المطار لم يحل هيئتهم بمرسوم ولكنه أفرغها من مهنتها الأمنية بحيث لم يكن اجتماعها هي والإدارة الإقليمية (المتهمة بالفساد) للنظر فيما يؤمن المواطنين ضروري، ففرق مهمة الإدارة الإقليمية والشرطة بين الدرك والحرس، فالدرك أعطى لهم الرقابة على المدن الكبرى والحرس يعملون مع الحكام ولكن تولوا مباشرة العمل مع المواطنين، وفي نفس الوقت توقف اكتتاب الشرطة ولمدة سبع سنوات مع تكثيف اكتتاب الدرك والحرس مع إنشاء هيئة أمن الطرق ليحال إليها أهم ما عند الشرطة من مراقبة الأمن العمومي وهو مراقبة حركة السيارات التي تقع بها الجرائم دائما.

 

ومن هنا اختفى الأمن كهدف مراد تحقيقه وأعني أن مكافحة اللصوص ومعرفتهم ساعة أو قبل تفكيرهم في اللصوصية لإحباطها قبل الوقوع أو القبض عليهم بعد الوقوع مباشرة، فانتهت الدوريات الليلية التي كانت تقوم بها الشرطة بمراقبة الإدارة الإقليمية، فانواكشوط التي فيها أكثر سكان الدولة قسم مراعاة أمنها إلى ثلاث هيئات: الدرك والحرس والشرطة، وهذا حكما أمن الشوارع فقط، أما أمن بحث الأمن السري عن اللصوص لإخبار الأمن العمومي به قبل الفعل لم يبق مفعلا أولا لتخصيص الصلاحيات الأمنية لكل قطاع، وثانيا لقلة الأفراد في المفوضيات، فهم ينقصون بالموت والتقاعد ولا يزيدون بالاكتتاب والتشجيع بالترقية المستحقة، هذه نبذة قليلة عن تقلص رعاية الأمن من طرف الإدارة الإقليمية والشرطة.

 

أما عون القضاء في خلق هذه الظاهرة وهي كثرة الجرائم بالتلصص حتى وصل إلى القتل والاغتصاب جهارا نهارا إلى آخره، فإن مرد ذلك إلى أن إجرام المجرمين استفحل لأن العقوبة التي وضعها الشرع لأمثال هؤلاء إما لم يحكم بها نهائيا أو إذا حكم بها لم تنفذ، فأصبح المجرمون يعلمون أن أٌقصى عقوبتهم على أعظم جريمة هي الحبس فقط، ولمدة محدودة مع أحسن معيشة تحت رعاية ذويهم في المدينة التي وقعت الجريمة فيها، وربما يخرج المجرم أثناء سجنه لفعل جريمة أخرى، أما بعد إطلاق سراحه فهو قطعا فاعل لجريمة أخرى للتكسب بذلك وقلة العقاب عليه.

 

فعلي اللجنة البرلمانية إذا أحيل إليها هذا الملف أن تدرس أسباب استفحال هذه الظاهرة وتقترح تشريعا يوجب سجن أصحاب هذه الجرائم في أقصى بلدة من موريتانيا ويحرم إدخالهم في العفو العام إلى آخره، فإبعاد سجن جرائم المالية الذين لا خوف منهم على المواطن وقرب سجن المجرم قاطع الطريق هو الآخر جريمة.

 

ويطلب من وزارة العدل والداخلية إذا وقعت أي جريمة من هذا النوع في أي ولاية تعليق أو تحويل ما فيها من الإدارة الإقليمية والسلطات الأمنية إلا إذا كانت الجريمة وقعت تحت ظروف مفاجئة أو قاهرة لا يمكن الوقوف أمامها، وقبل ذلك كله تفعيل القوانين الشرعية التي جعلها الله لردع هذا النوع من حيوان البشر يقول تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون}.