على مدار الساعة

الأمن والسيادة الرقمية

6 يوليو, 2021 - 20:08
يعقوب محمد اعبيدي - خبير في الاتصالات وتكنلوجيا المعلومات

أمن الوطن اليوم في الفضاء الرقمي لا يقل عن أهمية أمنه في الفضاء الجغرافي، فالسيادة الرقمية لا تقل أهمية عن السيادة الجغرافية المادية.

 

إن ما نعيشه اليوم من تسيب وعدم ضبط المحتوى الرقمي وانفتاح غير آمن على الإنترنت والوقائع العالمية من جهة يتطلب نظرة غير تقليدية مشتركة من كل الفاعلين المعنيين، سواء مزودي خدمات الإتصالات أو سلطة تنظيم الإتصالات، أو الأجهزة الأمنية، أو الإدارات المعنية، ونثق بأنهم مطلعون ومتابعون لهذه التحديات، فهي تحديات جديدة، تتطلب استجابة استثنائية.

 

الجديد أن هناك بعد جديد. لم تعد الحدود ترسم على اليابسة والماء والسماء، وإنما أصبحت فى الفضاء الرقمي، وأصبح من الواجب لكل دولة، أن تكون لها حدودها الإلكترونية للمحافظة على أمنها وهويتها الوطنية، وتحد من أطماع الآخرين، وتكافح ضد العدوان الجديد (الاحتلال الرقمى)

       

الجديد كذلك داخليا هو تنامي استخدام واستهلاك الإنترنت لأغراض مختلفة، إجرامية وفوضوية، أحيانا عن دراية أو عن جهل، لذلك  يجب ضبط الفضاء الداخلي وقوننته وتأطيره والعمل على تشجيع خلق محتوى رقمي وطني مضبوط، وإفشاء ثقافة رقمية مسؤولة خاصة لدى الشباب

 

- القانون 025-2013 المتعلق بالاتصالات الإلكترونية

- والقانون التوجيهي 006-2016 المتعلق بمجتمع المعلومات

- والقانون رقم 007-2016.المتعلق بالجريمة السبرانية

- والقانون رقم  020-2017  المتعلق بحماية البيانات ذات الطابع الشخصي

- والقانون رقم 2018/022 المتعلق بالمبادلات الالكترونية

 

كل هذه القوانين مهمة وتشكل ترسانة قوية، ولكن يبقى الأهم وهو آلية تطبيقها وتنفيذها.

 

فمثلا هناك سلطات أنشئت بموجب هذه القوانين لم ترى النور منذ أربع سنوات، والسلطة الحالية الوحيدة المؤطرة للقطاع تعمل أكثر على الجانب الردعي. وكذلك القضاة يجب تكوينهم وتأطيرهم لمواكبة هذا التحول.

 

خطاب فخامة رئيس الجمهورية أمس، يجب أن يفهم ويوضع في سياقه، ويواكب بالحلول التقنية اللازمة خاصة أنها متوفرة وفي المتناول.

 

وكلي ثقة أن تحسنا سيلاحظ قريبا بما أن القطاع المعني أعطي استقلالية كانت ضرورية لنهوضه.

 

القطاع الخاص من جانبه يجب أن ينهض أيضا ويواكب العملية، ويجب على شركاتنا التقنية والاستثمارية تطوير حلولهم التقنية واكتساب شراكات نوعية وإثبات تواجدها وأحقيتها لأخذ مكان المؤسسات الأجنبية التي تهيمن على السوق الوطني (ولذلك ما له من خطر على الأمن القومي). فالسيادة الرقمية لا تقف عند تقديم خدمات اكلاسيكية رقمية أو نطاق رقمي وطني، بل هي أبعد وأشمل من ذلك وتتطلب شراكة جدية بين القطاعين العام والخاص.

 

 بلدنا في وضعية رقمية خاصة، فنحن ما زلنا في مرحلة تدعيم وإرساء البنى التحتية الرقمية رغم ما أنفق في سبيل ذلك من الأموال العمومية دون جدوى. وفي نفس الوقت ملزمون بالانفتاح على العالم لمواكبته.

 

هذه الوضعيه مع سلبياتها تعد إيجابية لنا من الناحية الأمنية على الأقل مرحليا، وتعطينا فرصة لضبط الأمور من أجل انفتاح واسع وآمن في المستقبل القريب مع المشاريع الحكومية المتبعثرة التي تصب جلها إن جمعت وأطرت في الهدف الأسمى (الحكامة الالكترونية).

 

الحل يكمن في خلق محتوى جاد ومتنوع وتشجيع تطوير اقتصاد رقمي للنهوض بالبلاد في شتى المجالات وذلك عن طريق استراتيجية وطنية  بإشراف مشترك من الجهات الرسمية المعنية (الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني).

 

الدولة مسؤولة عن حماية خصوصية البيانات الشخصية لأفراد شعبها، وتوجد بنية رقمية يتوجب حمايتها من الاختراق، لكن هناك بعد ثالث يتعلق بمحتوى ما يتعرض له المواطنون، مستخدمو التكنولوجيا، من خلال ما يسمى (التواصل الاجتماعى)، هنا مكمن الخطر الحقيقى.

 

يتواصل...