على مدار الساعة

أربعون شهرا.. كأن الرئيس يعمل "منفردا"

15 ديسمبر, 2022 - 00:22
سعيد ولد حبيب

ثلاثة أركان أساسية يستند عليها رئيس الجمهورية في ترجمة وتسويق ما يتحقق من عمل ميداني تنفيذا لتعهداته للناخبين هي :

- الحكومة

- الحزب

- الإعلام

 

في الأولى توجه الرئيس منذ البداية مخاطبا إياها قائلا: لن تنقصكم الموارد والوسائل اعملوا فخطاب المحاسبة معكم مباشرة لا مع غيركم؛ بمعنى آخر: أنتم مسؤولون أمامي أنا من أحاسبكم إذا حصل تقصير، ومن أثمن عملكم إذا تطلب ذلك تحفيزا.

 

في المحصلة حتى الآن:

1. الحكومة

تباين في أداء الحكومة رغم أنه صار لكل استحقاق لجنة وزارية؛ لكن كل ذلك لم يمنع من وجود اختلالات وتقهقر وخيبة أمل أحيانا.

 

التقى رئيس الجمهورية بثلاثة توجهات حاملا ثلاث خطابات..

 

أولا: خطاب موجه عبر دفعة من خريجي المدرسة الوطنية للإدارة مفاده:

- أنه لا تساهل فيما كان يقع من فساد وسوء تسيير؛ ولا تنازل عن محاسبة أي مقصر في مجال الرقابة المالية والإدارية.. كأنه يمرر من خلال الخريجين الجدد رسائل لمن سبقوهم ممن يتولون المسؤولية تلك اللحظة: "إياك أعني وأسمعي يا جارة"

 

ثانيا: اجتمع بالسلطات الإدارية والمحلية عن بكرة أبيهم وأبلغهم خطابا آخر عنوانه:

- تقريب الخدمة من المواطن والقيام بدورهم المنوط بهم وقال كلمته الشهيرة: "من لا يستطيع ذلك فليترك مكانه".

 

ثالثا: دعا رجال الأعمال والتجار إلى اجتماع موسع، وأبلغهم العديد من الرسائل الصريحة والضمنية، كان أبرزها دعوته لهم باللطف بالمواطن تخفيفا عليه ورحمة بقوته الشرائية.

 

2. الحزب

يفترض أن الحزب الحاكم يشكل متنفسا للرئيس يقوم بدوره كحاضنة لبرنامجه ومزود لطاقمه الحكومي والإداري بالكفاءات.. ثم بالعمل على تسويق إنجازاته والدفاع عنها.

 

المشكلة هي أن الحزب انشغل بالخلافات بسبب الترشيحات الانتخابية، وصار بحاجة لإسناد بدل أن يقوم بدوره؛ وقد يكون أسهم بطريقة أو بأخرى في تقديم مقترحات غير مفيدة جدا عندما لجأ الرئيس لترقيع الحكومة ردا على عجز بعض أفرادها، فماذا حصل..؟

 

كان في كل تعديل يظهر إما عدم الدقة في تحديد المطلوب، وصعوبة الخروج من الدائرة، ليتضح أن العجلة تدور عند المركز دون تحقيق انفراج باستثناء بعض الحالات المحدودة جدا.

 

قد تكون عوامل وحسابات أخرى أدت إلى تفاوت حركة قاطرات التعهدات؛ بسبب ضعف بعض القطاعات وارتهانها للأقارب والتحالفات حتى جاء أداؤها مهلهلا إذ أن بعضها يعمل بطريقة زبونية ويسعى للثراء وإثراء الأقارب والمحيطين عبر صفقات القطاعات تحت يافطة المقاولين.

 

عندما تكون بعض أطراف الحكومة تعاني بهذه الطريقة فكيف تتوقع نتيجة إيجابية من القطاعات الأخرى الأدنى مرتبة، ذلك أن مفهوم خطاب الرئيس للحكومة كان واضحا؛ فهم كوزراء مسؤولين أمامه هو، وعليهم لعب الدور نفسه مع من يقع تحتهم من موظفين وأطر بالمتابعة والمحاسبة والتقييم، ولا يمكن للرئيس أن يكون متابعا لكل شيء؛ ولعل النتيجة مخيبة في جوانب عديدة منها؛ لأنه ما لم تكن الاختيارات نابعة من قدرات مدروسة؛ فلا تتوقع نتائج إيجابية، وهو ما جعل معظم القرارات في المستويات  الأدنى تلعب فيها الصدفة والحظ دورا وهو ما انعكس على الأثر..

 

3. الإعلام..

الركن الثالث هو الإعلام ودوره في القيام بما يلزم لمواكبة هذه الجهود، ليس تثمينا فحسب، وإنما تحقيقا ومتابعة وفي اختيار الاسلوب والمنهج، لذلك خاصة في عصر سطوة وسائل التواصل الاجتماعي التى كان من الواضح؛ أن زخم معارضي السلطة كان له صدى عليها أكثر بالرغم من محدودية المعارضين الظاهرين عددا على الأقل؛ فقد كانت لقاءات الرئيس بكل ألوان الطيف أسكتت الكثير من الأصوات.. بيد أن الصوت الذي كان ينبغي أن ينطلق وهو صوت الإعلام كان خافتا..

 

لقد كان من الواضح عدم تعاطي وسائل الإعلام العمومية خاصة مع رسائل الرئيس؛ التى منحت هامشا لهم للعمل عندما مرر الخطاب بشكل صريح للحكومة والحزب والمفتشين الماليبن والسلطات الادارية والمحلية وللرأي العام عموما

 

لقد انهمكوا في توجهات أخرى مبتذلة في تسويق ما أنجز من تعهدات الرئيس وانشغل بعض تلك المؤسسات في التنافس على عرض عضلات دعمها للرئيس بطريقة تكاد توهم الناس أن ما يقومون به ليس من ميزانيات كيلومترية مخصصة لهم، وإذاكان ينفق منه البعض لإظهار جهود الرئيس فإنه يقدم بطريقة ليست جيدة " الإخراج"

 

توجد ثلاثة خطوط عريضة بارزة على الأقل في هذه المرحلة كان بالامكان تناولها بطريقة مهنية لإظهار قوة وعمق برنامج تعهداتي، من بينها:

1. قرابة ربع سكان البلاد يحظون بتأمين صحي

2. زيادة رواتب المتقاعدين وكيف عبرت بهم نحو الأفضل ثم الزيادة الأخيرة المعلن عنها في خطاب الاستقلال

3. البنى التحتية في التعليم والصحة وخدمات الماء والكهرباء.. فضلا عن توزيع المال على الشرائح الهشة والتكفل ببعض المرضى وأدويتهم والمعوقين.. وو

 

الآن، فهمت لماذا يجلس رئيس الجمهورية قرابة ساعة ليعدد ما تحقق من إنجازات سردا فقد كان على الإعلام تناول كل ذلك بطريقة أكثر احترافية وهو ما لم يقع.. لذلك أرى أن الرجل يعمل منذ أربعين شهرا منفردا..