على مدار الساعة

حول جدل مشروع القمح في بلدية الخط

29 سبتمبر, 2023 - 08:55
سيدي محمد ولد حامدينو

لقد تابعت باهتمام ما تم تداوله في الفترة الأخيرة فيما يخص أراض ببلدية الخط بولاية الترارزة تنوي الجهات المختصة منحها لرجال أعمال بغية زراعتها قمحا، حسب ما تم التصريح به من قبل السلطات المحلية في بعض الاجتماعات التمهيدية للمشروع.

 

وقد وجدتني لاعتبارات عدة مطالبا بأن أسجل في هذه العجالة النقاط التالية:

1. ينبغي للجميع أن يقدر حجم التحديات التي تواجه البلد أمام تحقيق أمنه الغذائي مما يضع المسؤولية على الجميع باختلاف مواقعهم، ويحتم عليهم الإسهام بإيجابية ومسؤولية في هذه المعركة النبيلة،

 

2. وضع الجهات المعنية للأراضي الموات التي لا تقع ضمن الغلاف الحيوي للسكان في خطط الاستصلاح من أجل المنفعة العامة ليس من المصلحة أن يعارض، خاصة إذا تم إنصاف السكان المحليين،

 

3. معظم تجارب منح الأراضي التي خاضتها الدولة في الماضي مع رجال الأعمال لم تأت بالنتائج المرجوة، وكانت نهايتها في كثير من الأحيان هي امتلاك الطرف الثاني للأرض وتقطيعها وبيعها لاحقا في أحسن الحالات، وهو ما يسميه البعض بأنه (أراض تؤخذ من فقرائهم وترد على أغنيائهم)،

 

4. أغلب الدول التي نجحت في تحقيق الاكتفاء من الحبوب أو أحرزت نتائج مهمة فيه، اعتمدت في الإنتاج على صغار المزارعين (انظر نسب سكان الأرياف في الهند وبنغلادش والصين...)، وتجربة السنغال في الاعتماد على صغار المزارعين وما حققته من نتائج مهمة في إنتاج الأرز أقرب دليل،

 

ولعل ذلك ما حدا بالسلطات السعودية أن تشترى على سبيل التشجيع محصول القمح من صغار المزارعين (أقل من 50 هكتار).

 

5. ينبغي للجهات في القطاعات المعنية أن لا تمضي قدما في إدخال أي أراض جديدة في منظومة الإنتاج الزراعي إلا على ضوء دراسة واضحة المعالم تأخذ بالحسبان الأبعاد الايجابية، والتأثيرات السلبية، حتى تتشكل رؤية سليمة مبنية على موازنات علمية دقيقة تراعي الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والصحية والبيئية،

 

6. لا يبدو من خلال المؤشرات الأولية أن المنطقة المذكورة مثالية لزراعة القمح لأسباب عدة منها حاجة القمح لكميات كبيرة من الماء وبعد الروافد وتعسر صيانتها وصعوبة توصيل الماء من الروافد وارتفاع المنطقة والشفافية النسبية للتربة.

 

كل هذه العوامل ستزيد من تكاليف الإنتاج خاصة إذا أخذنا في الاعتبار كون المناخ لا يسمح بمعدل محصول مرتفع (درجات الحرارة المثالية لمحصول جيد من 5 - 25) وبالتالي نحتاج إلى التركيز على تخفيض كلفة الإنتاج حتى نعوض السلبية في المناخ.

 

ولعل الزراعات التي لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، ويمكن استخدام مياه الآبار في ريها تكون أنسب للمنطقة، خاصة أن مثل هذه الزراعات يوفر وظائف أكثر للساكنة المحلية وتوجد في الجوار أقطاب للإنتاج بهذا النموذج.

 

7. ما لمسناه من إرادة جادة من فخامة رئيس الجمهورية لإصلاح هذا القطاع وفق رؤية استراتيجية راشدة لا يحكمها الارتجال يبعث الأمل بأن قواعد جديدة سيتم إرساؤها للتعامل مع قطاع حيوي يأتي في قمة الأولويات لكل أمة تحترم نفسها وتصون كرامتها وتحفظ سيادتها،