على مدار الساعة

ولماذا لا تصبح الصحراء الغربية عاملا لتوحيد المغرب العربي؟

19 نوفمبر, 2020 - 00:26
محمد يحيى ولد باب أحمد - أستاذ العلاقات الدولية والقانون الدستوري والحريات العامة بكليتي الحقوق والعلوم السياسية بتونس المنار وجندوبة سابقا

تكمن مشكلة إقليم الصحراء الغربية في عاملين اثنين: أولهما: موقعها الاستراتيجي بامتياز، وثانيهما: هو عجز الكيان الموريتاني - الذى أقر حكم محكمة العدل الدولية انتماءها إليه - عن استرجاعها إليه بالقوة.

 

وإذا كان إشكال انتمائها للكيان الموريتاني قد تم تجاوزه الآن، بعد أن نجح الحسن الثاني بدهائه المعروف في اكتساب نوع من المشروعية في المطالبة بجزء من الإقليم بواسطة إقرار موريتانيا له بذلك بموجب اتفاقية مدريد، وكذلك بموجب قرار الدولة الموريتانية بعد ذلك باختيار موقف الحياد من النزاع، فإن مشكلة الموقع الاستراتيجي للإقليم كهمزة وصل بين ثلاث من دول المغرب العربي، وإطلاله على أوروبا وأمريكا بواسطة شريطه الأطلسي، وكونه المعبر البرى الرئيس للمغرب على إفريقيا. كلها عوامل ساهمت في تعقيد حصول هذا الإقليم على استقلاله وجعلت منه بؤرة للتوتر بين الأشقاء، ومحلا لرهانات عديدة في المنطقة.

 

فالمغرب الذى يمثل هذا الإقليم منفذه الوحيد للتبادل البرى للتجارة  والذى علاوة على ذلك جعل ملوكه من قضيته مصدرا من مصادر المشروعية للسلطة ، والجزائر التي قد يكون استقلال الإقليم متنفسا لها على الأطلسي، والتي جعلت هي الأخرى من استقلال الإقليم إحدى أدبيات شرعنة حزبها الحاكم، لن تقبل أي منهما بسهولة التنازل عن موقفها الاستراتيجى بخصوص ذلك الإقليم، مع ما يترتب على ذلك من انقسام واضح في مواقف المجتمع الدولي من هذا النزاع تبعا لعلاقات ودبلوماسية الدولتين في خارطة الأمم المتحدة حسب الزمان والمكان ومواقف التحالفات الدولية والإقليمية في ملحمة كر وفر دبلوماسي لا يلوح في الأفق حتى الآن حلا لتداعياتها، خصوصا أمام نجاح المغرب في استقطاب أغلب الدول العربية إلى جانب موقفه، ونجاح الجزائر - مدعومة بموريتانيا في وقت من الأوقات - في إخراج المغرب في يوم من الأيام من الوحدة الإفريقية، بسبب احتضان هذه الأخيرة للجمهورية العربية الصحراوية كعضو في تلك المنظمة القارية.

 

أمام هذه الوضعية المعقدة لواحد من أقدم الصراعات الأممية وأكثرها استعصاء، وحتى لا تكون الأحداث الأخيرة في الكركرات سببا لعودة أعمال العنف في الإقليم، لماذا لا تطرح بلادنا بوصفها بلدا محايدا وثيق الصلة بالموضوع، وبجميع أطراف النزاع وذو مصداقية للعب دور الوسيط، لماذا لا نطرح مقترحا لحل هذا النزاع بإعطاء كل طرف ما يحتاجه وننزع فتيل هذه القنبلة الموقوتة التي تؤرق الجميع وتحول دون تفاهم وتكامل الإخوة الأشقاء في المغرب العربي ليصبح الإقليم بذلك عامل وحدة بدلا من أن يبقى هو عقدة التجزئة فيه.

 

ما أفكر فيه هنا بسبط وقريب وسهل التحقيق إذا ما توافر حسن النوايا وصدق التوجه نحو مصالح شعوب المنطقة بعيدا عن مزايدات الأنظمة ومصالحها الآنية.

 

ما أفكر فيه ببساطة هو أن يعطى هذا الإقليم نظاما دوليا يوضع بموجبه تحت إشراف عسكري للأمم المتحدة، وتمارس فيه السلطة السياسية من قبل الصحراويين من مختلف التيارات والمشارب بموجب انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، على أن تفتح في الإقليم ممرات آمنة لكل من المغرب إلى إفريقيا وللجزائر إلى الأطلسي بضمانات وحماية دولية.

  

على أنه يمكن من أجل طمأنة الجميع أن تحدد فترة اختبار لتجربة جدوائية هذا الحل تقدر بنصف قرن يعاد بعدها بدء التفاوض من جديد بين جميع الأطراف لتدارك النواقص وتأكيد الضمانات.

 

إن في ذلك حقا لضمان لمصالح الجميع وصونا لكرامة كل الفرقاء.

 

والله الموفق.