على مدار الساعة

العدل المحض في الاسلام لكن أهله مقصرين

1 أبريل, 2021 - 12:13
أحمد فال بن الشيباني

إن تقصيرنا في عرض جوهر التدين ومعنى العبادة الحقيقي الذي هو حسن إسلام الوجه لله وبمعنى آخر العيش وفق مقاصد الشرع وأداء الحياة في تكيف وانسجام معه، أفسح المجال لأصحاب التصورات البائدة والعوراء من الحسن إلا ما أقتبسه الغرب من قيمنا ودنسه بلوثة وثنيته.

 

إن القيم الإنسانية الحقيقة من تسامح ورحمة وإصلاح بين الخلق وإعمار للأرض هي ما بشر به الرحمة المهداة للإنسانية الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

 

إن الحرية المطلقة هي عبودية التوحيد التي جسدتها العقيدة الإسلامية. لا علم لي بدين ولا شرع يمجد فعل الخير والأمر بالمعروف والإصلاح بين الناس حتى ولم يرد بذلك وجه الله تعالى ثم يرتب عليه الأجر العظيم إن أقترن بالنية الصالحة غير الاسلام: {لَّا خَیۡرَ فِی كَثِیرࣲ مِّن نَّجۡوَىٰهُمۡ إِلَّا مَنۡ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوۡ مَعۡرُوفٍ أَوۡ إِصۡلَـٰحِۭ بَیۡنَ ٱلنَّاسِۚ وَمَن یَفۡعَلۡ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱبۡتِغَاۤءَ مَرۡضَاتِ ٱللَّهِ فَسَوۡفَ نُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیمࣰا}.

 

انتبهوا معي أنه حكم بالخيرية لفعل الخير المتعدي حتى من دون نية، فالأمر بالصدقة والمعروف وإصلاح ذات البين خير محض في الإسلام حتى وإن لم يرد به وجه الله أما إن اقترنت به النية الصالحة وفعل لوجه الله فالله يعد عليه أجرا عظيما.

 

يا له من إغراء وترغيب في بالمعروف لا يوجد له مثيل في أي شرع سوى الإسلام.

 

فوق ذلك دور القانون والتشريعات الأرضية هي مجرد سن عقوبات لأفعال مجرمة وشرع الإسلام يحيطك بكم هائل من الأحكام والتوجيه والتربية والمقاصد النبيلة الرامية لدرء المفسدة والحيلولة أصلا دون وقوع الجريمة حتى لا يضطر إلى العقاب ثم تأتي العقوبة في جو من التشدد في إثباتها واستصحاب البراءة الأصلية حتى لا يبقى أدنى مجال للظلم والخطإ في حق المتهمين بمجرد الظنون.

 

ملاحدة العصر واللا دينيون ولا أقول العلمانيين لأن ما وقعوا فيه ظلام الجهل ولا جود ثم لعلم أو تنور أو استنارة بل الاستلاب والتبعية العماء واجترار قيء الغرب وصديد نتوؤاته، يريدون نشر الظلام والرجعية وإخفاقات الغرب في غفلة منا والتهاء بقشور العبادة عن جوهرها وظاهرها عن حقيقتها.

 

إن العبادة مجالها الحقيقي واقع الحياة مع إسلام القود فيه لله وليس ذلك الجزء اليسير - الشعائر - الذي هو كالمنبهات لحس الإيمان الدافع الحقيقي للعبادة الحقة وهي الحياة وفق منهج الله.

 

العبادة باقتصار هي في الاقتصاد والسياسة والعدل والتعليم وعمارة الأرض وتجويد حياة الناس وتحسين إطارها.

 

فلتنفروا يا معشر المسلمين للشهادة على الناس بإقامة عدل الإسلام في أرض الواقع فهو أبلغ في الدعوة والتبشير بدينكم كما فعل معكم نبيكم عليه أفضل الصلاة والتسليم: {وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَـٰكُمۡ أُمَّةࣰ وَسَطࣰا لِّتَكُونُوا۟ شُهَدَاۤءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَیَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَیۡكُمۡ شَهِیدࣰاۗ} فقد كان بحق شهيدا علينا بهذا المعنى: إقامة الاسلام على أرض الواقع كما وصفت عائشة بدقة خلقه لما سئلت عنه قالت بإيجاز، "كان خلقه القرآن"، فكان قرآنا يمشي على الأرض فأدى الشهادة وحدث بنعمة ربه كما أمر وكذلك نشر أسلافنا الاسلام من خلال معاملتهم الناس بمحاسن قيمه وشرائعه: وتلك لعمري شكر نعمة الله والتحدث بها: وأما بنعمة ربك فحدث أي بلغ دين الله وادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة.