على مدار الساعة

ملاحظات على عجالة

18 مارس, 2022 - 23:12
الأستاذ / لمات ولد أحمد سيدي

كان الرئيس صادقا في جزئية بسيطة، أن البلد فقير والشعب فقير.. لكن البلد لم يكن فقيرا دائما، كان بلدا كريما في عطائه، جزيلا في ما تجود به الأرض من خيرات، ذهب وفير وسمك كثير وحديد جارف وغاز منهمر وأرض واسعة خصيبة وثروة حيوانية مباركة وأنواع من كل معدن نفيس ونعمة غالية..

 

مع ذلك هو بلد فقير..

 

نعم فقير بتسييره، فقير بالأمانة، فقير في الرشاد، فقير في الوطنية، فقير في الولاء، فقير في الضمائر، فقير في القوانين، فقير في الالتزام، فقير في الرقابة، فقير في المسؤولية، وهو فوق ذلك فقير في خطط التنمية..

 

لقد تحدث الرئيس بصراحة وطلاقة عن المظهر، ولكنه تجاهل الجوهر، وهو: سبب هذا الفقر.

 

فهذا الشعب الذي يناهز الأربعة ملايين نسمة فيه نسبة لا بأس بها في البوادي وبين مواشيهم لا يكلفون الدولة فلسا ولا تقدم لهم خدمة، ونسبة أيضا لا بأس بها هاجرت وأصبحت تمد البلد بالعملات الصعبة، البقية الباقية لا تصل ثلاثة ملايين، أيعقل أن دولة بمواردها مهما كانت لا تستطيع توفير خدمات لهذا العدد القليل من المواطنين!!

 

السيد الرئيس، السبب الرئيسي  هو التسيير الفاسد، والإدارة البليدة، وغياب الرؤية الرشيدة..

 

السبب الرئيسي هم أولئك الذين يسرقون ميزانيات كاملة، ويبذرون موارد الدولة في مغامراتهم..

 

سبب فقر هذا الشعب هو: المسؤول الذي عُين فقيرا، وفي لمحة عين غدى ثريا ثراء فاحشا..

 

عند بن خلدون رؤية حكيمة: أن القائد إذا نازع التجار، ضاع كل شيء.. بعض الوزراء تجار، وبعض الجنرالات تجار، وجل المسؤولين  يخلط بين التسيير والتجارة..

 

ثم إن المغتربين الذين تحدثت عنهم ، لم يروا بلدانا غنية فقط، لقد رأوا  أيضا بلدانا فقيرة وبلدانا متوسطة الحال، ولكن بخدمات مميزة، وباهتمام لائق بالشعب، وبمحاولة كريمة من حكوماتهم لتحسين ظروفهم..

 

السيد الرئيس أنتم أيضا والوزراء سافرتم للخارج ورأيتم الدول الخارجية، ورأيتم أثر التسيير الشفاف والخدمات الراقية التي تقدم رغم قلة الموارد وضعف الإنتاج..

 

في هذا الظرف العالمي الدقيق، نحن لا نحتاج إلى محاضرات عن فقر البلد واستجداء العالم، نحتاج إلى من يقف للحق والوطن والشعب، وقفة لله والتاريخ، فيضع الخطط التي تهدف للتغلب على الفقر واجتياز الأزمة، نحتاج إلى من ينادي ليهب الشعب لزراعة أرضه وتحقق اكتفائه الغذائي وأمنه الوطني في مجال الزراعة، نحتاج إلى من ينتشلنا فلا نكون بعد اليوم عالة على أحد..

 

في زيارتكم للخارج وزيارة الوزراء والمسؤولين لم تروا وزيرا همه الأول والأخير أن يكون صاحب قصور وفلل،  ولم تروا رئيسا يتنقل من العاصمة من أجل أن يدشن مشروعا سخيفا.. ولم تروا حكومات تكافئ الفاسدين بالمناصب، ولم ترو التلفزيون الوطني لأي بلد يعمل حملة ويجيش طاقما كبيرا  ليصور كيلوغرامات قليلة من التمر، مع مواطنين..

(لماذا مانجبرو مسؤول يتحمج لوطنه ولشعبه...).

 

هذه المظاهر سببها الأفراد، وليس فقر البلد.. المشكلة  فقر المواطنة في أذهان الكثير من المسؤولين.. العلاج هو تحديد المشكل الحقيقي ومعرفة أصله، وعلاجه.. فلا قلة مع التدبير ولا كثرة مع التبذير..

 

هذا البلد محارب من طرف نخبته ، وليس من طرف أي أحد آخر..

 

سيدي الرئيس: الأرض محايدة..

نواكشوط مكب كبير للنفاية، والناموس، أرض يلهو بها المرض والقمامة وسوء التسيير.

ما يصرف في كرنفالات الزيارات والتحسيس والورشات والضحك على الناس كفيل بجعل عاصمتنا راقية...

 

ما تشيد به القصور لو ترك لكان الشعب غنيا والبلد متقدما..

 

دعوكم من الكلام فما عادت الأمور تنطلي على الناس

 

بلدكم ينتظر منكم جدية وصدقا وإخلاصا.